هل سمعت بـ«الحركة الثورية للنساء الأفغانيات»؟ هذه الحركة ليس حركة جهادية أبدا بل هي في الواقع عكس ذلك تماما.
هذه الحركة تتبنى العديد من الأفكار الغربية عن «تحرير المرأة»، وتعمل نشطة على الدعوة لتحقيقها في أفغانستان؛ كيف؟
بالذهاب لكل منتدى لجمعيات حقوق المرأة والتحدث عن «اضطهاد» المرأة في أفغانستان على يد الحكومات الأفغانية الجديدة فيها، بدءًا بحكومة رباني الأولى، وانتهاء بحكومة الطالبان.
لهذه الجمعية موقع ضخم على شبكة الإنترنت فيه عشرات المقالات وعشرات الصور التي تصور بعضها أحكام الشريعة الإسلامية من خلال عبارات سلبية مؤثرة، كتلك العبارات المكتوبة تحت صور لرجم رجل وامرأة في ساحة عامة كعقاب لجريمة الزنا.
هناك أيضا صور مؤثرة، مثل صور تمثل آثار قصف الفصائل الأفغانية على المدن وضحاياه وصور لرجال ونساء مشنوقين، وهذه الصور _ وإن كانت أسبابها مستنكرة وتمثل واحدا من الأوجه الأليمة للحركة الأفغانية _ إلا أنها وضعت مع تعليقات تسئ بشكل عام للإسلام والجهاد والأفغانيين المسلمين بشكل عام.
لكن ما يثير المزيد من الشك حول هذه «الحركة»، التي يحمل أفرادها أسماء إسلامية، أن هناك ثمانية مواقع كبيرة أخرى على الإنترنت مخصصة كلها للموضوع نفسه ويستعمل نفس نبرة الصوت شديدة العداء، وهذه المواقع موضوعة بواسطة الأمم المتحدة وعدد من جماعات «حقوق الإنسان» والجماعات «الإغاثية» الغربية وجمعيات «تبشيرية» عملت في السابق في أفغانستان ومازالت تحتفظ برجال لها هناك، مما يوحي بأن هناك اتجاها خفيا لشن حرب من نوع ما على الدولة الأفغانية الحالية.
هذه المواقع كلها أيضا جزء من حملة واسعة على الإنترنت تشمل عشرات المواقع لحركات «نسائية» تنتمي لمعظم دول العالم العربي والإسلامي وتصرخ دائما باسم «الحرية» والخلوص من الاضطهاد والعذاب المر الذي تعانيه المرأة المسلمة في العالم الإسلامي، وتجد هذا الصراخ في معظم الأحيان مربوط بالشكوى من تعاليم الإسلام، أو بصورة «محرفة» عن الإسلام، كذلك الموقع الذي يستشهد بآراء سيد عشماوي، عن الحجاب، بكونه غير مفروض على المرأة ومن إفرازات المسلمين أنفسهم للقول بأن الإسلام مختلف عن الإسلام الحقيقي الذي «يدعو للمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة».
أحد المواقع المخصص للنساء في العالم الثالث جمع تحت مظلته مداخل لعدد كبير جدا من المواقع التي تتحدث عن حقوق المرأة في دول العالم العربي والإسلامي، وهي مواقع بذل فيها الكثير من الجهد وممول معظمها من خلال جمعيات «حقوق إنسان» دولية ومن خلال «حركات نسائية» عربية وعالمية وبعض «مراكز الدراسات والأبحاث» وأحيانا من خلال أفراد ينتمون لهذه الدولة أو تلك ويعيشون في أحد الدول الغربية.
خذ على سبيل المثال؛ ثلاثة مواقع كبيرة عن حقوق المرأة في الجزائر، وبالرغم من اتضاح حقيقة كون «الجماعات الإسلامية» غير مسئولة تماما عن كل ما يحدث في الجزائر حتى أصبح ذلك معلنا في وسائل الإعلام الغربية، إلا أن هذه المواقع تتناسى ذلك تماما معلنة أن «الأصولية الإسلامية» خلف اضطهاد المرأة حتى مثلا وراء عدم وجود وزيرات جزائريات، لأن ذلك سيعرضهن للاغتيال مباشرة.
في هذه المواقع ألبومات صور تثير البكاء بحق من المذابح الرهيبة التي حدثت في الجزائر.
هناك أربعة مواقع عن «اضطهاد» المرأة في مصر، وأحد هذه المواقع مخصص لحقوق «النساء البدويات في سيناء»، بينما موقع آخر يؤرخ لتاريخ «تحرير المرأة» بمصر ثم عداء الصحوة الإسلامية للمرأة، وضربها لمنجزات هذه الحركات، وهذا الموقع وضعته طالبة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
هناك مواقع عن النساء بالأردن، ومنها موقع مخصص للنساء القرويات، ومواقع تشكو من حرمان المرأة في الكويت من حقوقها السياسية، ومن «اضطهاد المرأة» في الإمارات بسبب تطبيق أحكام شرعية عامة، ومواقع عن اضطهاد المرأة في لبنان خلال الحرب وبعدها، ومواقع أخرى عن المغرب وفلسطين وعمان والسودان، وموقع للنساء «الآشوريات» في سوريا والعراق، بالإضافة لمواقع أخرى عن ختان النساء في العالم العربي وضرب النساء والاعتداء عليهن بلا نصير لهن في العالم الإسلامي.
متصفح هذه المواقع الواحدة بعد الأخرى والتي يوجد لها جميعها مداخل على هذا الموقع المخصص لـ«نساء العالم الثالث» يتملك في النهاية، شاء أم أبى، تلك الصورة السوداوية الرهيبة عن العالم الإسلامي وعن المسلمين وعن أحكام الإسلام في تعاملها مع المرأة واضطهادها لها.
هناك فقط دولتان يختلف الوضع فيهن عن باقي كل هذه الدول:
- تركيا، والتي تتحدث بعض المواقع عن حصول «تقدم حضاري» فيها بإعطائها الفرصة المتساوية تماما مع الرجل “أين ذهب حرمان المرأة من أبسط حقوقها في اختيار لباسها بمنع الحجاب؟”.
- ودولة أخرى تتحدث مواقع «الحركات النسائية» عن المثالية غير العادية في التعامل مع المرأة وتوفير كل حقوقها لها، هل تعرف ماهي؟ نعم إنها إسرائيل، وذلك بالرغم من كون اليهود المتطرفين لديهم أحكام شديدة القسوة على المرأة، إلا أن أحدا لا يتحدث عن ذلك بشيء.
متأمل القصص التي توردها المواقع يجد بعضها صحيحا لكنها موضوعة في خارج إطارها الاجتماعي، مثل الشكوى من عدم وجود خدمات دائمة للنساء المغتصبات كما هو الأمر في الغرب، مع عدم الحديث عن كون ذلك بسبب ندرة حوادث الاغتصاب في العالم الإسلامي، أو أنها تمثل مشاكل يعاني منها النساء والرجال على حد سواء، مثل ارتفاع نسبة الفقر بين النساء في بعض الدول، أو أنها مشوهة من الحقيقة، مثل الحديث عن ارتفاع نسب البطالة بين النساء مع تناسي كون الوضع الاجتماعي في العالم الإسلامي يجعل المرأة غير محتاجة للعمل مع إنفاق زوجها أو والدها عليها الأمر غير الموجود في معظم الأحيان في الغرب، أو أنها مزورة تماما، كالحديث عن الضرب اليومي للنساء من قبل أزواجهن في بعض دول العالم العربي، وبعضها صحيح لكن لا يجوز نسبته للإسلام، مثل القصص عن خروج العريس ليلة الزفاف بدم البكارة لعرضه على الناس.
هذا الموقع يحتوي على «غرفة دردشة» يمكن الدخول إليها والمشاركة في حوار حي حول «اضطهاد» المرأة في العالم الثالث، وشبكة بريد إلكتروني يزود المشتركين فيها مجانا برسالة أسبوعية على عناوين بريدهم الإلكتروني بأخبار «اضطهاد» المرأة في العالم الإسلامي.
هل توجد مواقع ترد على ما يرد على هذه المواقع التي تسئ للمسلمين والإسلام بشكل عام؟ أنا شخصيا لم أجد أي شيء من ذلك.
* نُشر في جريدة المسلمون الدولية