معاناة ميشال كمسلمة أمريكية في رسالة على الإنترنت

من قسم منوعات
الجمعة 24 أبريل 1998|

ما أجمل تأمل أحاديث أولئك الذين ساروا رحلة الإيمان منذ البداية، حيث كانوا غير مسلمين يعانون من الحيرة والقلق بعيدا عن نعمة اليقين، ثم بدئوا الرحلة خطوة فخطوة يبحثون عن الدين الصحيح وسط ركام ضخم من الأديان القديمة والجديدة ليهديهم الله في النهاية للقرار العجيب: الإسلام.

مثل هؤلاء قد يعلمونا نحن الذين ولدنا مسلمين دروسا لم نكن ندركها بسبب تعودنا عليها، كما يعلم المريض الصحيح نعمة العافية التي لا يرى آثارها عليه.

يوجد على الإنترنت عدة مواقع لطيفة تحمل أحاديث أولئك الذين قطعوا الرحلة وقصص إسلامهم وأحاديث حول مشكلاتهم الآن بعد تحولهم إلى الإسلام.

واحد من هذه المواقع خاص بـ«رابطة الأخوات للدعوة بأرلنجتون»، وأرلنجتون مدينة بولاية تكساس الأمريكية، وفيها تجمع كبير للجالية العربية والإسلامية بأمريكا، ويشرف على هذا الموقع أخت مسلمة أمريكية اسمها ميشال النصر، لها أيضا قصتها الجميلة في التحول للإسلام.

فيما يلي ترجمة لبعض ما كتبته إحدى هذه الأخوات المسلمات على الموقع:

  • «هل أنت أمريكية؟ أوه، لابد أن زوجك من الشرق الأوسط».
  • «لكنك لم تنشئي هكذا».
  • «من الأفضل أن تنتبهي لهؤلاء الناس، لقد شاهدت فيلما عنهم في السينما».
  • «لماذا تحاولين أن تظهري مثل العرب؟».
  • «إنها التسعينات، ليس عليك أن تلبسي بهذه الطريقة، تحضري».
  • «ألا تشعري بالحر وكل هذه الملابس عليك».

هذه الجمل تمثل بعض ما يقال لهذه الأخت المسلمة من أصدقائها وأقاربها الذين فوجئوا بإسلامها ولبسها للحجاب، الشيء الذي شاهدوا في الأفلام كل ما يشوهه، ويجعله يبدو شيئا مرعبا، ومع ذلك أسلمت هذه الأخت وأصرت أن تعيش حياتها إسلامية.

هذه بعض مذكراتها المنشورة على موقع الرابطة على الإنترنت:

«أنا امرأة أمريكية مسيحية النشأة، في عمر 23 بدأت التعلم عن الإسلام وأصبحت أخيرا مسلمة بفضل الله سبحانه وتعالى، عندما كنت مراهقة على أبواب العشرينات، كنت دائما أتأكد من مظهري على أنه الأفضل، حتى أنني فزت بلقب أجمل فتاة في المدرسة الثانوية.
وجهي دائما مليء بالمكياج، شعري متقن، وملابسي على آخر موضة، كان لدي سيارة رياضية جميلة جدا، وعمل ممتاز كصفيفة شعر يعطيني الكثير من المال، وكان همي الوحيد قضاء وقت مليء بالمتعة.
كنت مستقلة تماما في حياتي، ولم يكن أحد يسألني أبدا عن أي شيء أفعله أو حتى ينتقدني، فقط لما أصبحت مسلمة كل ذلك تغير.
فجأة لكل واحد من حولي رأي فيما فعلت، كل هؤلاء لم يعد يرون في فتاة بالغة قادرة على اتخاذ قرارت حياتها بنفسها، بعضهم يعتقدون أنني تعرضت لعملية غسل دماغ، والبعض الآخر يظن أني أفعل ذلك لأسعد زوجي المسلم.
لما كنت مسيحية، كنت متدينة يوم الأحد صباحا فقط لحوالي ساعة، وعندما يبدأ سحب قرعة اليانصيب كنت أدعو أرجوك يا الله اجعلني أفوز، أو عندما يجرح صديقي وأعاهد الله أن أكون فتاة جيدة إذا فقط شفاه مما هو فيه، الآن عمري 28 عاما، والإسلام هو طريقتي في الحياة، كل شيء أفعله، كل دقيقة من يومي الآن أعيشها بشكل مختلف.
أصلي الآن خمس مرات يوميا، وصدقني لا يمكنك أن تتظاهر أنك مسلم لأن هذا ليس بسهل، هذه الأيام أحيش حياة بسيطة وهادئة وأخلاقية جدا.
ليس لدي ضغط نفسي، ولا قلق، مهمة زوجي أن يتأكد أنه يرعاني تماما، وأن يعمل للحصول لدخل من أجلنا سويا، أنا الآن قادرة على البقاء في البيت بعيدا عن العمل اليومي مشكلة كل النساء في أمريكا، وأرعى ولدي بمستوى الرعاية الذي أريده أنا وليس مستوى الحاضنات.
لم أعد مستعدة لمبادلة ابتسامات ولدي من حولي براتب شهري، ابتساماته هي راتبي الشهري، أنا أقرأ وأخيط وأسترخي وعندي الكثير من الوقت لتجهيز طعام لذيذ لأسرتي، لم أعد مستعدة لتغيير حياتي الآن مهما كان الثمن، حتى لو افترضنا أن زوجي تركني، سأبقي أطبق الإسلام وأعيش بهذه الطريقة.
إذا كنت صديقا أو فردا من عائلة شخص تحول للإسلام، حاول بدلا من أن تكون سلبيا أو منتقدا أن تفهم ما هو الإسلام، إنه طريقة حياة جديدة، هؤلاء الناس الذين يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء عن الإسلام لمجرد أنهم شاهدوا فيلما يجب أن يعرفوا أن هذه الأفلام ليست المصدر الصحيح للمعلومات عن الإسلام، لقد رأيت بعض الأفلام الأمريكية عن الإيطاليين، هل معنى هذه الأفلام أن الإيطاليين كلهم أعضاء في المافيا، وتجار مخدرات، يقتلون الناس، وحولهم عشرات الفتيات اللاتي يستمتعوا بهن؟
صدقني لدي الكثير لأكتبه حول معاناتي كمسلمة، وكل هذا لا علاقة به بدين الإسلام، بل فهم الناس الخاطئ عن الإسلام.
أوه؛ هل ذكرت أنني وما في آخر سنة من الثانوية العامة فزت بلقب الأكثر تأهيلا للنجاح في حياتها، أنا أشعر الآن أن هذا اللقب كان مناسبا تماما لأنني نجحت باعتناقي للإسلام».

ميشال النصر، كتبت عن معاناتها التي يشاركها فيها الكثيرون من المسلمين الأمريكيين الذين اختاروا الخروج عن الثقافة العامة لمجتمعهم وسلوك طريق الحق، هذه مقاطع مما كتبته ميشال في رسالة لأسرتها نشرتها بالكامل على الموقع نفسه:

«..تخيل أنك ذهبت للسوق لشراء بعض الخبز، عندما تركب في السيارة وتبدأ القيادة يأتيك شخص يصرخ بكلمات بذيئة في وجهك يسبك ويسب هذا الشيء الذي تلبسه، الحجاب، وتؤمن به بكل عمق.
ربما يظن هذا الشخص أنك لا تفهم ما يقول معتقدا أنك تنتمي لدولة أخرى ولكنك في الحقيقة تفهم تماما، وربما لا يصدر منك أي رد فعل لكنك تعودت عليه فكثيرا ما يحدث.
تذكر أن معظم الناس من حولك ينظرون إليك من خلال ما يعرفونه عن الإسلام أنك شخص مضطهد، أنت في الحقيقة مثال المرأة المضطهدة التي لا تملك عقلا مستقلا، هذا _ الشيء _ الحجاب، في الحقيقة قد اخترته بنفسك، وتعيشه كل يوم، ليس بالقوة، بل ببساطة لأنك تعتقد أنه الشيء الصحيح، لكن أحدا لن يصدقك، الجميع من حولك يظن أنك مأسور بقوة وديكتاتورية زوجك وأنك مبرمج لتقول هذه الأشياء فقط لأنه أمرك بذلك.
تفكر بهذا كله وأنت تقود السيارة إلى السوق، تدخل المحل، تحس بكل العيون تلتفت إليك، وفجأة تسمع بعض الضحكات، تفكر، هم لا يضحكون علي، أليس كذلك؟ لكن في الحقيقة أنت تعرف الحقيقة، فمنذ اللحظة التي تغادر فيها بيتك، الناس إما أنهم يضحكون عليك أو غاضبون من ذلك _ الشئ _ الذي تلبسه وتحبه.
في قسم الخبز، تلاحظ أن موظف الأمن في السوق يلاحقك حيثما ذهبت في المحل ظانا أنك إرهابية جئت لسرقة المحل، وعندما تحاولين إحراجه بنظراتك المتسائلة، يتظاهر بالنظر في الجهة الأخرى. تذهب إلى موظفة المحاسبة لتدفع ثمن الخبز، الموظفة تنظر إليك بعينين متعجبتين، تبتسم لها وتحاول التحدث بنغمة لطيفة، لكن لا تحاولي أن تحملي الكثير من الأمل، فعندما يأتي دورك لا تحصلي إلا على النظرات الغريبة، وربما لا تسمع حتى كلمات المجاملة المعتادة، لا بأس، في الطريق إلى البيت، تلاحظي أن البنزين على وشك الانتهاء.
إياك أن تتوقفي عند محطة بنزين لا تعرفيها، فربما حتى وأنت تلوحين بنقودك في الهواء يظنون أنك جئت لتسرقي المحل، اتجهي فورا للبيت فهناك الراحة، في الحقيقة حين تصل للبيت تنتظر الفرج، تلاحظ مجموعة من الأطفال حول بيتك وتتساءلين ماذا سيفعلون هذه المرة.
تدخل البيت، بعد قليل أحدهم يطرق الباب، تفتحينه، لا أحد على الباب، تتذكري أن تخرجي لإفراغ صندوق بريدك لتري الأطفال يقفون في ركن البيت البعيد ويصرخون، أنت لا تنتمين إلينا.. اذهبي بعيدا.
تفكرين، ولكنني أنا أنتمي لهذا المكان، أنا أعيش هنا، بعد قليل، المراهقون في الحي يقررون مشاركة الأطفال سلوكهم ليقفوا بالقرب من شباك المنزل ويتحرشون بك وأنت داخل البيت، هذه فقط بداية أيام حياتك كامرأة مسلمة.
ربما تسأل، هل الإسلام يستاهل كل هذا العذاب؟ سأخبرك بلا تردد: نعم يستاهل، كل هذا وأكثر لأن الإسلام هي طريق حياتي، حبي، سلامي، وأملي.
إذا كنتم لا تستطيعون أن تكونوا سعداء من أجلي، فعلى الأقل اعرفوا أنكم ربيتم ابنة تقف ثابتة من أجل ما تعتقده، ليس فقط مقلدة عمياء، ليست واحدة من زحام الناس، وليست واحدة تتراجع عند أول المشقات، إذا كنتم لا تستطيعون دعمي في قراري، فكونوا على الأقل مرتاحين لاحترامي واحترامي أخلاقياتي وقيمي.
اعرفوا أن ما أؤمن به، الإسلام، ليس شيئا أؤمن به لأنه شيء شائع بين الناس، أو لأنه الطريقة الأفضل للحصول على الأصدقاء أو لتوثر في الناس، بل لأنني أعتقد أن هذا سيقودني للجنة التي أعمل بكل ما أستطيع وأقف ثابتة من أجل ما أؤمن به لأصل إليها. لا شيء يستحق العبادة إلا الله وحده لا شريك معه، أين تعلمت أن أعمل للأفضل، وأقاوم كل المشقات ثابتة على ما أؤمن به، وأن أعمل للعدل والحقيقة؟ ألم تكونوا أنتم من علمني هذا؟؟»

على الموقع نماذج أخرى مؤثرة لمسلمات أمريكيات كتبوا فيها عن تجربتهن مع الإسلام، ربما كان هذا من أجمل الأشياء التي تمتاز بها التكنولوجيا الجديدة «الإنترنت»، وهو السماح للناس العاديين بتقديم خبراتهم للناس حول العالم مهما بدت هذه الخبرات بسيطة وعادية.

في الماضي كان عليك لتقدم خبراتك وأفكارك وآرائك للناس أن تكتب كتابا أو تقنع وسائل الإعلام بشكل أو بآخر لينزلوا إليك وينشروا آرائك وتجربتك في الحياة، وكثير من الناس العاديين لم يكن يستطيع ذلك.

الآن كل ما يلزمك موقع على الإنترنت يكلفك القليل من المال، ووقتا تستمتع به بكتابة أفكارك وتجاربك لتنقلها للعالم أجمع من خلال شبكة الإنترنت.

«تنفك عرى الإسلام عروة عروة إذا عاش في الإسلام من لا يعرف الجاهلية»، هذا ما قاله عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.

الإنترنت سيساعدنا على معرفة الجاهلية، وعلى سماع خبرات أولئك المسلمين الرائعين المنتشرين حول العالم الذين عرفوا الجاهلية وانتقلوا للإسلام في رحلة العمر، الرحلة التي بدأها الصحابة الكرام، رضي الله عنهم، عندما انتقلوا من الجاهلية للإسلام، وستستمر قوية جميلة جذابة إلى قيام الساعة.

* نُشر في جريدة المسلمون الدولية