الإنترنت يغير قواعد اللعبة السينمائية

من قسم شؤون إعلامية
الثلاثاء 29 أبريل 2008|

تمثل الأفلام السينمائية جوهرة المحتوى الإعلامي بأنواعه، فهي أكثرها غلاء، وأكثرها شعبية، وأكثرها أرباحا، وعبر الزمن تكونت صناعة شديدة الحساسية، يسيطر عليها عدد محدود من الكبار الذين يديرون هذه الصناعة ويجنون أرباحها في نفس الوقت.

وانتقال الفيلم السينمائي للإنترنت على مختلف المستويات يعتبر علامة فارقة على مدى نجاح شبكة الإنترنت في فرض نفسها كوسيلة إعلامية، لأن هذا يعني أن المشكلة التقنية قد تم معالجتها، فالفيلم السينمائي هو “أثقل” المحتويات التي يمكن أن تكون على الإنترنت وتتطلب سعة بث Bandwidth عالية جدا ودقة وضوح عالية، كما أن الفيلم السينمائي مرتبط بصناعة ضخمة تجني منه المليارات من الدولارات كل عام، وهي تتعامل بحذر شديد مع كل قادم جديد قد يؤثر على هذه الأرباح.

لهذا السبب تناولت هذا الموضوع الأسبوع الماضي، وشرحت لماذا تخاف هوليود من الإنترنت من عدة نواحي ولعل من أهمها خوف هوليود على ما تجنيه من الأقراص المدمجة والذي يصل في أمريكا وحدها إلى 23.4 مليار دولار، مقارنة بـ9.6 مليار دولار من صالات السينما.

لكن خوف هوليود _ الرجل القوي المسيطر في اللعبة _ من الإنترنت يقابله في الحقيقة احتفاء واسع من قطاعات واسعة تجد في الإنترنت الأمل الكبير أن يغير قواعد اللعبة السينمائية بحيث تسمح لهم بالنفاذ وكسر قيود الاحتكار وعلى رأس هؤلاء يأتي “صناعة الفيلم المستقل” في أمريكا Independent Film Industry، وقطاعات السينما الأوروبية والهندية، وقطاعات السينما المحلية  وصناعة الفيلم الوثائقي.

من المؤكد أن هناك سيطرة هائلة على منافذ توزيع الفيلم السينمائي حول العالم، وهذا يفسر لك سبب وجود قائمة محدودة ومشتركة من الأفلام في معظم دور السينما في أي دولة من الدول، وإذا كانت هذه السيطرة تعمل لصالح هوليوود فهي تمنع الفيلم الذي لا توزعه أحد الشركات الخمس الكبرى من التوسع والانتشار والحصول على الأرباح، وبالتالي إمكانية صناعة المزيد من الأفلام.

الإنترنت لديه القدرة على تقديم قوائم لا تنتهي من الأفلام التي يمكن لكل من يريد أن يشاهدها إذا دفع ثمنها، أو حتى مشاهدتها مجانا إذا أراد أصحابها الانتشار فقط. هذا يعني أن الأفلام القصيرة والفيلم المستقل والفيلم المحلي غير الأمريكي والفيلم الذي ليس به نجوم كبار والفيلم الذي لا يركز على اهتمامات عموم الناس سيجد مكانه على الإنترنت في مواقع مثل موقع jaman.com تماما كما حصل مع موقع Amazon الذي أتاح الكتاب المتخصص والذي كانت تمتنع المكتبات الشهيرة عن بيعه.

هناك أفكار كثيرة للاستفادة من هذه الخاصية في الإنترنت. أحد المنتجين في هوليوود كان يطالب برصد اهتمامات الناس التي ليس لها شعبية كبيرة وصنع أفلام عنها لبيعها عن طريق الإنترنت حيث يقول “لو كان لدينا مليون شخص حول العالم مهتمون بصيد السمك في البحيرات المتجمدة فيمكننا صناعة فيلم من أجلهم”.

هناك آخرون استخدموا الإنترنت لجمع آراء حول الفيلم، بل إن هناك شركة إنتاج اسمها “بلوتورش” تسمح للجمهور بالتصويت على نص الفيلم وعناصره وموسيقاه وملابس الممثلين وحتى تطور القصة عبر الإنترنت والاستفادة منها في صناعة النسخة النهائية من الفيلم.

بقي أن أقول أن الإنترنت هو وسيلة تقنية جديدة واحدة لتوزيع الأفلام السينمائية، ولكن هناك وسائل عديدة تقوم أيضا على الارتباط بشبكة الإنترنت ولكن تسمح بمشاهدة الفيلم على جهاز الموبايل أو الـi-Pod أو حتى جهاز ألعاب الفيديو بدلا من الكمبيوتر.

لقد قامت قاعدة النجاح الوحيدة للفيلم السينمائي والبرنامج التلفزيوني والأغنية وأي محتوى آخر على أساس النجاح الجماهيري لضمان تحقيق الأرباح وكسب تعاطف الموزعين، أما الإنترنت فهو يسمح بتقديم أي محتوى ما دام هناك حد أدنى من الناس حول العالم مهتمون بمشاهدته.

* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية