هناك الكثير من الدراسات والأبحاث الغربية حول أساليب نجاح علاقات الزواج والحب، وذلك لسبب هام ذكرته الأسبوع الماضي وهو أن هناك في أوروبا وأمريكا واليابان وأستراليا عدد هائل من المراكز المتخصصة في “العلاج الزوجي”، والذي يقصد به إصلاح العلاقات الزوجية وتطويرها حتى تؤتي أكلها بأفضل شكل ممكن.
في هذا المقال وفي المقالات القادمة، ىسأركز على بعض أفضل نتائج هذه الدراسات التي تلائم طبيعتنا الشرقية المحافظة والتي تنظر دائما للعلاقات على أنها وسيلة للتعارف البرئ كطريق يؤدي للعلاقة الزوجية المثمرة، كما تنظر للحب أنه ينمو ويترعرع في عش الزوجية، وتنظر لمن يخالف قواعد المجتمع المحافظة بأنه مخطئ ومذنب.
من أجمل المحاور التي أراها في هذه الدراسات هي التفريق الواضح بين المراة والرجل في فهم علاقات الحب والعلاقات الزوجية، فالمرأة كما يقول أحد الكتاب العالميين المشهورين تأتي من كوكب الزهرة بينما الرجل من كوكب المريخ، وهذا الفهم لاختلافات الرجل والمرأة مهم لأنه يساهم في فهم كل طرف للآخر بشكل أفضل، الأمر الذي يساعده على فهم ردود أفعاله وتوقع تصرفاته.
لكنني من جهة أخرى أعارض النظر هذا الموضوع كعامل وحيد لأن هذا يعني أن نجاح وفشل العلاقات الشخصية والزوجية عائد للطبيعة الشخصية للرجل والمرأة، وهذا ليس صحيحا تماما، فهناك بالإضافة للطبيعة الشخصية عشرات العوامل الأخرى التي تساهم في نجاح وفشل العلاقات الشخصية والزوجية وقصص الحب، بما في ذلك مدى التكافؤ بين الطرفين واستعدادهما لبذل جهد كبير لإنجاح العلاقة الحميمة وعدم تركها للظروف، والظروف الاجتماعية المناسبة، وغير ذلك.
الرجل بشكل عام حسب الدراسات الغربية يركز نظره من خلال العلاقات الشخصية والحميمة على تحقيق ذاته، أي الإثبات لنفسه أنه قادر على النجاح في إقناع المرأة بقيمته وأهميته وكسب قلبها وعواطفها وإعجابها، فهو دائما يبذل الجهد الكبير ليصل للنجاح في العلاقة الحميمة، ولكنه بعد أن يصل هناك تصبح العلاقة أقل أهمية بكثير بالنسبة له.
بكلمات أخرى، الرجل يهمه أن يحقق إنجازا من خلال نجاح العلاقة الحميمة، يهمه أن يعيش المغامرة وأن يصل إلى الضفة الأخرى من المغامرة ناجحا ومنجزا.
المرأة من ناحيتها تنظر للعلاقة الشخصية بعد نجاحها، ولا يهمها جانب المغامرة، فهي تدخل العلاقة بشك كبير وتردد، ولكنها عندما تصل إلى الضفة الأخرى وتقتنع بشريك العمر، فهي تبذل جهدها كله للحفاظ على العلاقة ونجاحها.
العلاقة الحميمة هي وسيلة أمان وحياة أجمل للمرأة، وهي تتعامل مع الأمر بهذا الشكل.
الرجل والمرأة يبحثون عن الحب، ولكنهم يبحثون عنه في مراحل مختلفة في العلاقة الشخصية.
بسبب هذا الاختلاف، تبحث المرأة عن الوضوح في العلاقة الشخصية، فهي تريد أن تعرف إلى أين تؤدي، وكيف ستنمو حياتها عبر المراحل الزمنية بسبب علاقة الحب هذه، بينما الرجل يبحث عن النتائج السريعة، ولذا فهو يبدأ مسيرته العاطفية في الذروة ثم ينخفض مستوى حماسه تدريجيا مع تحقيقه لتلك المكاسب السريعة، ويلتفت انتباهه بعد ذلك لإنجاز آخر في حياته سواء على الصعيد العملي أو من خلال علاقة عاطفية أو اجتماعية أخرى.
لكل هذا ينجذب الرجل للمرأة التي لا يعرف عنها الكثير، لأن هذا يعطيه الاحتمال بأنه يسعى وراء المرأة المثالية، ولكن عندما تتكشف له الستر، يبدأ هذا الحماس في الانخفاض إلا إذا اقتنع الرجل بأن هذه المرأة هي خير من يستطيع أن يحقق خلال مسيرته العاطفية.
من ناحية أخرى، يسعى الرجل لإثبات رجولته للمرأة واهتمامه بها حتى يفوز بقلبها، ولكن بعض الرجال يبالغ في هذا الأمر حتى ترى المرأة فيه خادما وليس رجلا وشريك حياة فيقل اهتمامها به.
من ناحية أخرى، يبالغ بعض الرجال في تقدير هذا العامل ويريد أن يثبت للمرأة أنه لا يمكن الفوز بقلبه بسهولة، ولكنه أحيانا يبالغ في ذلك، فلا تشعر المرأة بأنها ستكون في أمان في المستقبل مع هذا الرجل.
بعد أن يصل الرجل والمرأة إلى ضفة الأمان في العلاقة الشخصية ويصبح الحب رسميا تبدأ المرأة في بذل جهود ضخمة لامتلاك الرجل والحفاظ عليه وتحقيق احتياجاتها من خلاله، وهي أحيانا ترى علامات تردد وهرب من الرجل، فتبذل المزيد أملا في أن تنجح العلاقة الشخصية “بأي تكلفة كانت”.
العلاقة الزوجية هي مجموعة من التوازنات المتعددة، وعلى الرجل أن يراعي طبيعة المرأة أثناء إدارة هذه التوازنات، والأمر نفسه ينطبق على المرأة.
الحب أمر جميل ولكنه صعب!!
* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية