الحب من أعجب العواطف التي حيرت الإنسانية، فهو بالرغم من كونه يبدو واضحا سهل اللمس والفهم، فإنه أيضا يبدو معقدا صعب الهضم فيه أسرار وكهوف وألغاز لم يستطع الإنسان بعد حلها.
في الأسبوع الماضي تناولت نظرية “ألوان الحب” والتي جاء بها عالم نفسي أمريكي وقسم الحب إلى ستة حالات نفسية هي “الحب الرومانسي” و”المغامرة” و”الصداقة التي تتطور إلى حب”، و”الحب العملي”، و”الحب الجنوني”، وأخيرا “الحب الروحاني”.
هذه الحالات تعتمد على موقف الشخص النفسي العميق من العلاقة العاطفية، وفي أغلب الأحيان يكون للرجل والمرأة في العلاقة حالة خاصة بكل واحد منهما، فقد يكون الموقف العاطفي للرجل قائم على المغامرة بينما الموقف العاطفي للمرأة قائم على الحب الرومانسي أو الحب العملي، ولذا فرغم أن النظرية تقدم ستة ألوان للحب، فإن هذه تشبه الألوان الأساسية الأربع التي تتكون منها كل الألوان لأنه يتم خلطها مع بعض، ولو حسبنا أن هناك ستة حالات محتملة للرجل وستة حالات محتملة للمرأة فإن هذا يعني أن لدينا ستة وثلاثين نوع للعلاقات العاطفية (6 X 6 = 36).
ليس هذا فحسب بل إن لون الحب الواحد له درجات، فلا نستطيع أن نقول أن الشخص لديه حالة “المغامرة” أو ليست لديه بل هناك ألوان رمادية كثيرة، فحب الناس للمغامرة مثلا على درجات طبعا ولو افترضنا أن لكل لون من ألوان الحب خمس درجات فهذا يعني أن لدينا 900 لون من ألوان الحب (30 X 30 = 900).
هذا بالإضافة طبعا لملاحظة أن الإنسان قد يتغير لون الحب لديه عبر الزمن فقد يبدأ الإنسان في حالة المغامرة وينتقل إلى حالة الحب العملي أو الرومانسي في أي وقت من الأوقات، وهذا لا يعني أن لون شريكه في العلاقة يتغير أيضا كما هو واضح.
هذه الحسبة الرياضية السهلة تشرح لماذا يكون الحب معقدا، ولماذا يصعب على الناس فك أسراره، فهذه الكلمة المكونة من حرفين فقط تطلق على 900 عاطفة مختلفة عن بعضها البعض، وبالتالي فلا يمكن وضع نفس القواعد والقوانين لتشمل كل هذه الألوان المختلفة من الحب.
بعض العلماء طوروا مقاييس تمثل مجموعة من الأسئلة التي يجيب عليها الشخص ليعرف حالة الحب لديه، ومن هذه المقاييس “مقياس حالات الحب” Love Attitude Scale، والذي يمثل مجموعة من العبارات التي يحدد الشخص نحوها ما إذا كان “موافقا بقوة”، “موافقا إلى حد ما”، “حيادي”، “غير موافق إلى حد ما”، “غير موافق بقوة”، وأختار أدناه بعض هذه العبارات _ من بين 42 عبارة _ التي تعطي مثالا لهذه المقاييس:
- أنا وشريكي في العلاقة كنا منجذبين لبعضنا البعض منذ أن التقينا أول مرة
- أنا وشريكي في العلاقة لدينا الكيمياء الجسدية المناسبة بين بعضنا البعض
- أحاول إيجاد بعض الغموض لدى شريكي في العلاقة حول مدى التزامي بعلاقتنا
- أستطيع تجاوز آثار الانفصال عن شريكي في العلاقة بسرعة وسهولة.
- من الصعب علي أن أحدد متى بالضبط تحولت صداقتنا إلى حب
- حبنا هو الأفضل لأنه نمى من صداقة طويلة بيننا
- لقد تأملت ما سيكون عليه حال شريكي في العلاقة في الحياة عموما قبل أن ألتزم معه / معها.
- عامل رئيسي في اختيار شريكي في العلاقة هو تحديد ما إذا سيكون أبا / أما جيدة
- إذا انفصلنا أنا وشريكي في العلاقة، سأصاب باكتئاب حاد وقد أفكر في الانتحار
- إذا تجاهلني شريكي في العلاقة لفترة، فأنا أحيانا أفعل أشياء غبية لأحاول الحصول على انتباهه مرة أخرى
- أحاول دائما مساعدة شريكي في العلاقة في الأوقات الصعبة
- أفضل أن أعاني بنفسي بدلا من أدع شريكي في العلاقة يعاني.
لو فكرت في نفسك وطبقت هذا الاختبار عليك، ستجد نفسك في بعض الحيرة، ولا عتب أبدا، فالحب هو لغز الألغاز، والعواطف أمر ليس من السهل التعامل معه.
الحب أيضا قد يكون سهلا جدا إذا كنت صادقا مع نفسك ومع الآخرين وتصرفت على سجيتك واسمتعت بالدنيا وكنت إنسان عطاء يمنح الآخرين بكرم روحه ونفسه وابتسامته ورقراق قلبه الصافي.
الحياة جميلة لولا العقد النفسية والقلوب القاسية والأطماع البشرية والأسئلة الصعبة!!
و”المصدر الحقيقي للسعادة هو الحب”.
* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية