هل سمع نيل آرمسترونج الأذان على القمر فأعلن إسلامه ؟

من قسم منوعات
الإثنين 14 سبتمبر 1998|

«نيل آرمسترونج، أول رجل مشى على سطح القمر عام 1969، سمع هناك على القمر هو وصاحبه صوتا غريبا بلغة غريبة لم يفهموها الأمر الذي أثار عجبهم الشديد، وبعد سنوات وبالتحديد في أول الثمانينات الميلادية كان آرمسترونج، يمشي في شوارع القاهرة فسمع صوت الأذان، وكانت المفاجأة أن آرمسترونج، اكتشف أن هذا بالضبط ما سمعه على القمر فسارع من فوره ليعلن إسلامه».

هذه القصة راجت في العالم الإسلامي منذ أكثر من 15 عاما، ومازالت تروج حتى يومنا هذا، لتسمعها في المجالس أو من خلال بعض وسائل الإعلام وحديثا جدا تسمعها تدور بشعبية كبيرة في حلقات النقاش الإلكترونية على الإنترنت.

هي أيضا موجودة في بعض المواقع على الإنترنت، في موقع لمحطة الجالية الإسلامية في جنوب أفريقيا والتي تبث من كيب تاون، تجد نص القصة نفسه مع التأكيد أنها نقلت عن مصادر موثوقة.

أىضا؛ في أحد مجموعات النقاش واسمها «اجتماعيات.. دين.. إسلام»، والتي يوجد أرشيفها على الإنترنت، سأل شخص من استراليا عن هذه القصة وأجابه آخر من استراليا أيضا بأنه سمع هذه القصة وسمع كذلك أن آرمسترونج، رحل إلى لبنان _ بلد الشخص الكاتب _ وأن جيرانه يقولون أنه لا يتحدث لأحد على الإطلاق، متخليا عن شهرته كأول رجل هبط على سطح القمر ليعيش كذلك.

آخر في مجموعة النقاش نفسها قال بأن آرمسترونج، أدى الصلاة في تركيا في نفس المسجد الذي صلى فيه مالكوم إكس، من قبل.

الحقيقة بكل أسف أن هذه القصة بمجملها مجرد شائعة غير حقيقية.

أحد المنظمات المسيحية والتي تملك عدد هائل من الصفحات الموجهة ضد الإسلام على الإنترنت تسعى لالتقاط مثل هذه القصص قائلة بأن المسلمين يحبون أن يثبتوا صحة دينهم من خلال الإدعاء بأن شخصيات مشهورة مسيحية أسلمت، وهم باستعمال هذه الطريقة يغرون الناس في الغرب وحول العالم بالإسلام!!، والمنظمة تتجاهل أن هناك أيضا الكثير من الرسائل في مجموعة النقاش نفسها تنفي إسلام آرمسترونج.

هذه المنظمة، واسمها مركز الأبحاث الآسيوي، وتتبع الإرسالية المسيحية العالمية، راسلت نيل آرمسترونج، وسألته عن قصة إسلامه.

الرسالة التي يوجد صورة منها على الإنترنت وتحمل عنوان آرمسترونج، تبين أنه يعيش في بلدة اسمها «ليبانون»، النطق الإنجليزي لكلمة لبنان، بولاية أوهايو الأمريكية، وهذا بالطبع مصدر الإشاعة التي تقول أنه يعيش حاليا في لبنان.

الرسالة تؤكد أن آرمسترونج، غير مسلم، ولم يسمع أي أذان على القمر، وأنه اطلع على القصة في مطبوعات عديدة في العالم الإسلامي بدون أي تحقق من الخبر.

آرمسترونج، يقول بأنه وصلته دعوات كثيرة جدا من مؤسسات إسلامية ومن بعض الحكومات الإسلامية لم تحددها الرسالة، للمشاركة في مؤتمرات وأنشطة إسلامية، وهذا الذي جعل آرمسترونج، يوافق على حوار صحفي أجرته معه إدارة العلاقات العامة بوزارة الخارجية الأمريكية، ينفي فيها إسلامه، وقامت الإدارة بتوزيع هذا الحوار على كل السفارات الأمريكية في العالم الإسلامي لتوزيعه على وسائل الإعلام، والحوار أيضا موجود على شبكة الإنترنت.

في أحد مجموعات النقاش يبين جلبرتو، مسلم، أن مصدر الشائعة بدأ من حوار أجرته معه إحدى الصحف المصرية، حيث قال أنه حين يمشي في شوارع القاهرة ويسمع صوت الأذان يحس أنه صوت «فضائي».

 

الكابتن جاك

قصة آرمسترونج، ليست الأكثر انتشارا في مجموعات النقاش على الإنترنت مقارنة بقصة الكابتن جاك كوستو، أشهر رجل في العالم باكتشافاته للحياة البحرية تحت الماء، والتي لا تكاد تخلو محطة تلفزيونية في العالم من برنامج دوري حول هذه الاكتشافات.

لا يكاد تمر فترة قصيرة حتى تقرأ قصة إسلام الكابتين جاك كوستو، على إحدى مجموعات النقاش الخاصة بالمسلمين على الإنترنت.

فيما يلي نص القصة كما وردت في إحدى مجموعات النقاش على لسان الكابتن جاك:

«في عام 1962، قال العلماء الألمان بأن ماء البحر الأحمر والمحيط الهندي لا يمتزجان مع بعضهما عند التقائهما في منطقة باب المندب لخليج عدن، وبناء على ذلك بدأنا نختبر الماء عند منطقة التقاء المحيط الأطلنطي بالبحر الأبيض المتوسط.
في البداية حللنا الماء في كل من المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط ونوع الحياة البحرية في كل منهما، هذان المسطحان البحريان يلتقيان منذ آلاف السنين وماءهما لابد أن يكون ممتزجا، ولكن بالعكس وجدنا نفس الظاهرة، حيث يحتفظ كل مسطح مائي بخواصه عند نقطة الالتقاء دون أن يمتزجا فيما بينهما، وهذا يعني أن هناك حاجز ما يفصل هذين المسطحين عن بعضهما.
عندما أخبرت البرفسور موريس بوكايل، عن هذه الظاهرة، قال لي بأنها ليست مفاجأة له لأنها مكتوبة بشكل واضح وصريح في القرآن الكريم.
عندما عرفت ذلك، آمنت بالحقيقة أن القرآن هو «كلام الله»، لقد اخترت الإسلام الدين الحقيقي، القوة الروحية التي منحني إياها الإسلام أعطتني القوة لأتحمل الألم الذي أعانيه من فقداني لولدي».

المنظمة المسيحية راسلت مكتب أعمال الكابتن جاك، في فرنسا، والذي أكد أن الكابتن جاك، لم يعتنق الإسلام أبدا، ثم كانت «السعادة البالغة» لما علمت المنظمة أن مراسم دفن الكابتن جاك، في 25 يونيو 1997 في فرنسا تمت في كاتدرائية نوتردام الشهيرة في باريس.

 

د. موريس بوكايل

البروفسور موريس بوكايل، الذي ورد اسمه في قصة الكابتن جاك، هو مؤلف الكتاب الشهير «الإنجيل، القرآن، والعلم».

كثيرون يتحدثون على الإنترنت أن د. موريس بوكايل، قد أعلن إسلامه بعد أن ألف كتابه الذي يشرح عدد من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.

هذه المرة لم تستطع المنظمة المسيحية أن تثبت عدم إسلام د. بوكايل، كما أنه لا يوجد بالمقابل أي أدلة أن بوكايل، كان مسلما.

دعوني أنقل لكم ما كتبته هذه المنظمة على صفحتها تحاول به إثبات أن د. بوكايل، لم يكن مسلما أو أنه كان «استغلاليا» كأسلوب ماكر للهجوم على الكتاب نفسه الذي بالتأكيد سبب الكثير من الأرق لمثل هؤلاء الممتلئين حقدا على الإسلام.

المنظمة توجهت بالسؤال للدكتور ويليام كامبيل، مؤلف كتاب «القرآن والإنجيل في ضوء تاريخ العلوم»، والكتاب الذي لم يكن عادلا أبدا بحق القرآن الكريم بل سلبيا.

كامبيل، رد بقوله «في فترة ما في حياته، د. بوكايل، أصبح الطبيب الخاص للملك فيصل، رحمه الله، وخلالها كتب كتابه «الإنجيل، القرآن، والعلم» وذلك في عام 1975.
أظن أنه كتب هذا الكتاب حينها بسبب غضبه من الكنيسة الكاثوليكية، ولكنه اكتشف أنه يمكنه الجمع الكثير من المال بسبب الترجمات الكثيرة التي حصلت للكتاب.
د. بوكايل، يعرف الكاثوليكية جيدا ونقل عن علماء كاثوليك معاصرين، وتفسيري للموضوع، بدون أي لقاء شخصي مع بوكايل، أنه كان كاثوليكيا محبا للكاثوليكية لكن كان يضايقه أن القساوسة يقولون يوم الأحد أن التوراة مصدر يمكن الاعتماد عليه، ثم يأتون يوم الإثنين ليثبتوا أنهم لا يؤمنون بأي شئ قاله موسى، عليه السلام، أظن أن بوكايل، كان غاضبا جدا حين كتب الكتاب بسبب هذه المشكلات، ولكنه أمر حقيقي أن بوكايل، حين كتب كتابه لم يكن أبدا مسيحيا مؤمنا».

كامبيل، يدعي أن له صديق تونسي حضر محاضرة للدكتور بوكايل، عام 1976 في تونس، وبعد المحاضرة سأله ما إذا كان مسلما فقال «لا»، وفي محاضرة أخرى في فاس بالمغرب في أول الثمانينات، سأله أحد أصدقاء كامبيل، إذا ما كان مسلما وأجاب بـ«لا».

ويقول كامبيل، بأن لا يظن أن بوكايل، صار مسلما بعد عام 1981، ويدعي كامبيل، أن رد بوكايل، على كتابه والذي نشر في مجلة كاثوليكية كان ضعيفا ويدل على أنه لم يفهم كتابه كما ينبغي!!.

المنظمة المسيحية، ذهبت لأحد دور النشر الباكستانية على الإنترنت والتي تبيع الكتاب، وذكرت في عرض له أن د. بوكايل، بقي كاثوليكيا ولم يسلم، المنظمة علقت أنها لا تعتقد أن بوكايل، كاثوليكي، ولكنها «سعيدة» بالاعتراف بكونه غير مسلم، ثم تسخر المنظمة من رخص سعر الكتاب والذي يدل في زعمها على أن المسلمين يحاولون ترويجه لإثبات صحة دينهم.

المنظمة المسيحية وضعت ما يزيد عن مائة صفحة أخرى تشكك في قصص إسلام شخصيات أخرى، مثل الملك الإنجليزي أوفا، في القرن الثامن الميلادي، والقسيس دافيد بينجامين الكيلداني، وقساوسة أقباط في مصر، ومايكل جاكسون.

 

لماذا تروج بيننا مثل هذه القصص ؟

حادثة مقتل الأميرة البريطانية ديانا، أثارت الكثير من التساؤلات: لماذا كل هذا الضجيج العالمي والتأثر العاطفي بين الناس لمقتل إنسانة كل علاقتهم بها لا تزيد عن مشاهدتهم لها على شاشة التلفزيون.

هذه التساؤلات أبرزت للضوء العديد من الدراسات العلمية التي تثبت أن الإنسان بطبعه، لعدة أسباب نفسية واجتماعية، متعلق بالمشاهير وربما تأثر بهم وبخواصهم كثيرا.

هذا يشرح لنا منهج النبي، صلى الله عليه وسلم، في معالجة هذه القضية من خلال عدة محاور، مثل تركيزه على أفضل الصحابة الكرام كأبي بكر، وعمر، رضوان الله عليهم، وحديثه عنهم وإبرازهم بين الصحابة، ويشرح لنا لماذا عزل عمر بن الخطاب، خالد بن الوليد، رضي الله عنهما، أثناء معركة اليرموك، كما يشرح لنا موقف الإسلام من قضية البحث عن الشهرة والتعلق بالمشاهير.

هذا لا يعني أن كل قصص إسلام المشاهير أو توبتهم ملفقة، ولا يعني أن كل من نقل هذه القصص كان ذلك لتعلقه النفسي بأهل الشهرة، ولكن المؤكد أن شهرة فلان أو علان كانت بابا مفتوحا لتناقل وترويج قصص كثيرة عن إسلامهم، وهو السبب نفسه الذي دفع هذه المنظمة المسيحية لتحقق في قصص إسلام المشاهير لتنسى أن هناك ملايين حول العالم ممن تركوا المسيحية واعتنقوا الإسلام بعد رحلة من البحث والعناء.

لماذا ظهرت بعض الكتب تروج لفكرة إسلام الأميرة ديانا!!! ولماذا حصل مايك تايسون، على ضجيج إعلامي لما أعلن إسلامه بينما مئات الأمريكيين يسلمون كل عام في قصص رائعة مثيرة للإعجاب والدهشة ولا أحد يعرف عنها شيئا؟

يبقى السؤال مفتوحا، لكن شيئا واحدا يجب تأكيده، أن الإنترنت يجب ألا يكون ساحة يتناقل فيها المسلمون الشائعات دون تثبت “الأمر المأمور به شرعا”، لتأتي بعد ذلك منظمات معادية للإسلام تطلع على هذه النقاشات لتجعل منها وسيلة لمحاربة الإسلام.

* نُشر في جريدة المسلمون الدولية