هل للشيخ العريفي أن يفرح بـ3 ملايين متابع ؟

من قسم شؤون إعلامية
الثلاثاء 30 أكتوبر 2012|

“يا ريحانة قلبي: والله ما أعلم أني أفرح بالعدد لمجدٍ شخصي.. إنما لتساعدوني، لنصرة الضعيف، ومساعدة الفقير، ونشر الخير #العريفي_ثلاثة_ملايين”. بهذه العبارة المتأنقة أعلن د. محمد العريفي وصوله لثلاثة ملايين متابع ليضعه هذا على قمة المغردين في العالم العربي، وليمتلك بذلك أكبر مجتمع افتراضي يلتف حوله منذ أن بدأ الشبكات الاجتماعية قبل عدة سنوات.

لا شك أن مثل هذا الرقم إنجاز للشيخ العريفي، حيث تعبر الأرقام – بشكل غير مسبوق – في عالم الإعلام الاجتماعي عن حجم التأثير الكمي للأشخاص، إلا أن هذه الشخصية التي حققت هذه الأرقام “من المحبين” هي ذاتها التي تثير الكثير من الجدل في “تويتر”، وكان آخرها الجدل الضخم الذي أثاره موقف د. العريفي من الأزمة الكويتية.

هل ساهم الجدل في تحقيق هذا الانتشار للعريفي أم العكس ؟

الجواب في رأيي أن كلا الأمرين صحيح، فلا شك أن الشيخ العريفي له آراء لا تمسك بمنتصف العصا، فوقف معه محبون كثر، وكون كمية هائلة من الأعداء، مما خلق حالة من الاستقطاب بين فريق مدافع “يبارك له بالملايين الثلاثة ويعيد نشر تغريداته بإعجاب”، وبين فريق لا يكل ولا يمل في البحث عن أي هفوة للعريفي.

من جهة أخرى، فإن هذا الانتشار الضخم للشيخ العريفي سيضع عبئا كبيرا عليه، لأن كل رسالة له يقرأها على الأقل مليون شخص ويعيد تغريدها ما معدله ألف شخص، وهذا يعني أن حجم انتشاره يزيد عن معظم وسائل الإعلام العربية، ويجعله في موقف شديد الحساسية في منطقة توازناتها السياسية والدينية والاجتماعية معقدة وكثيرة بشكل يرهق أي وسيلة إعلام.

الشيخ العريفي لم يعد شخصا يكتب آرائه الشخصية على “تويتر”، فهو بهذا الانتشار صار صوتا يجلجل في أرجاء الشبكات الاجتماعية، وفي كل مرة “يزعج” أحدا ستكون ردات الفعل عليه قوية ومتتالية وحادة.

هذا في رأيي يعني المزيد من الاستقطاب حول شخصيته، وأرائه، ويعني أن سيضطر لمراعاة تلك التوازنات فيفقد بريقه، أو يندفع في الاستجابة لإغراء الشبكات الاجتماعية فيقع في المزيد من الأخطاء ويحصل على المزيد من الأعداء.

وجود عدد كبير من المتابعين بشكل “أكثر من اللازم” بحيث ينقلب الشيئ إلى ضده، ليست ظاهرة جديدة، فهي موجودة في الغرب، ودفع البعض ثمنها غاليا، وهي أيضا تقتل مبدأ “أرضية الحوار” التي تصنعها الشبكات الاجتماعية، فيصبح الشخص المشهور ناشرا يبث كلماته، أكثر من شخص يتفاعل مع جمهوره من حوله.

وجود الداعية الإسلامي على “تويتر” يساهم في قدرته على التفاعل مع الناس فينقل لهم رسالته بسلاسة وحميمية، كما يصبح قريبا من الناس فيفهم واقعهم ويبتعد عن التطرف في الرأي، ولكن عندما يصبح لديك عدد كبير من المتابعين، تصبح غير قادر على التفاعل، ويتحول الإنسان المشهور إلى شخص وحيد “كما قال كاتب أمريكي عن الممثل أشتون كتشر الذي يوجد لديه حوالي 13 مليون متابع”.

ليس هذا فحسب، فالشيخ العريفي قد لا يبالي بشيء قلته، وقد يمضي في طريقه لا يعبأ بالجدل أو النتائج، ولكن الحقيقة أن هذا الانتشار الواسع يعني أن صار ممثلا رسميا للدعاة الإسلاميين على “تويتر”، وأي موقف يتخذه يعني أنه سينعكس سلبا وإيجابا على جمهورهم، وخاصة مع الطبيعة العربية التي تعشق التعميم والمبالغات والأحكام الجمعية والعاطفية.

لو بحثت عن اسم الشيخ العريفي على “تويتر”، ستفاجأ بعدد التغريدات التي تأتي من أشخاص عاديين – لا ينتمون للفئات التي يهاجمها الشيخ دائما – ولكنهم لا يستلطفون شيئا ما يقوله أو يصوره بجواله فيعممون مباشرة على جمهور الدعاة ورجال الدين.

ما أريد قوله باختصار، أن هناك علاقة عكسية بين الكم “عدد المتابعين بعد حد معين”، وبين الكيف “القدرة على خلق حوار مؤثر وذكي متناسب مع عالم الشبكات الاجتماعية”؛ أعتقد أن الشيخ العريفي قد دخل الآن هذه الحالة العكسية، وعليه أن يفكر مليا كيف يتعامل مع هذا الوضع.

ربما يحتاج الشيخ مراعاة بعض المبادئ التي تراعيها وسائل الإعلام من توازن وابتعاد عن الرأي المباشر، أو ربما يختار التركيز فقط على “نصرة الضعيف ومساعدة الفقير” أي الشؤون الإنسانية، وربما يحتاج لخلق حسابات أخرى يدير من خلالها الحوار بينما يبقى حسابه الرئيسي لبث الرسائل العامة والمدروسة بعناية، وربما يحول حسابه إلى بث إعلامي عام يبتعد من خلاله عن المسؤولية الشخصية عما يقال.

بكلمات أخرى، يحتاج لاستراتيجية في التعامل مع جمهوره المتزايد والذي يتزايد معه الضغط والمسؤولية والحرج..

ختام الكلام: كما في الحياة العامة لا تستطيع أن يكون لك عدد لا نهائي من الأصدقاء، فالأمر نفسه ينطبق على الشبكات الاجتماعية..!