اهجم نحو الألم ولا تهرب منه!

من قسم منوعات
الإثنين 28 يونيو 2010|

كلنا نعيش في حياتنا أسئلة صعبة حول التعامل مع الظروف من حولنا وكيف نحقق السلام في داخلنا وكيف نشعر بالسعادة، وكلنا نعاني من الوحدة أحيانا ومن الحيرة أحيانا أخرى، ونحس بأن الحياة تمضي من حولنا كالقطار السريع دون أن نعرف مكاننا من رقعة الدنيا، فنستسلم أحيانا للمجهول، ونأبى أحيانا بقوة، ونحزن أحيانا، وبعضنا يصيبه الجنون.

لكن فن “عيش اللحظة” كما سميته في مقالاتي الثلاث السابقة، والذي يمثل منهجا نفسيا جميلا في التعامل مع متغيرات الحياة وتحقيق السعادة الداخلية، يمنح الكثير من الأفكار الرائعة التي تقوم في جوهرها على محاربة هواجس النفس والاستمتاع بالحاضر وتناسي الماضي والمستقبل.

وقبل أن أصل للنصيحة الأخيرة التي أختتم بها سلسلة المقالات هذه، قد يسأل القارئ عن إمكانية التغيير، فنحن دائما نسمع النصائح والأفكار التي تعجبنا، ولكننا نقف عاجزين أمام تصلب أنفسنا وصعوبة توجيهها نحو ما نريد. الأمر ليس بالسهل فهو يحتاج طبعا لقوة الإرادة، وخير ما يحقق قوة الإرادة هو القناعة بإمكانية تحقيق النتائج.

تكاد تجمع الدراسات العلمية أن الإنسان قادر على تغيير نفسه مهما كان عمره، وهي أحيانا تجربة تمنح الإنسان الكثير من السعادة التي لا يعوضها شيء.

حسب الدراسات فإن التغيير يمكن بالتركيز الدائم عقليا على هدف التغيير، بحيث يبقى السلوك في مجال الوعي ولا تستلم للاوعي الذي يحب بطبعه العادات القديمة. في المعدل يحتاج الإنسان لمثل هذا التركيز إلى حوالي ثلاثة أسابيع لتحقيق التغيير.

بالإضافة إلى ذلك، أنا أنصح أن يحاول الإنسان في فترة التغيير أن يبتعد عن نمط الحياة المشغول ويلجأ لنمط مسترخي، مشاغله فيه قليلة والحركة فيه بطيئة حتى يتمكن من منح تركيزه لهذا التغيير الذي يقوم به.

من أجمل الفوائد التي يحتويها فن “عيش اللحظة” هو كيفية التعامل مع الأحزان والآلام والمصائب التي تهاجمنا في حياتنا، وهناك كذلك أنواع القلق بما في ذلك القلق من خطاب مهم سنلقيه أو لقاء خاص نهتم كثيرا بنتائجه.

السلوك العادي هو أننا نحاول مقاومة هذه الأحزان، نركز عليها ونسعى للتخلص منها أو تجنبها أو مقاومتها، وعلماء فن عيش الحاضر يقولون بأن هذا خطأ لأننا نعيش شعور الألم أو القلق الأصلي ثم نضيف عليه شعورا آخر صعبا هو الضغط على النفس لمحاولة الهرب منه.

الحل في رأيهم هو “القبول” acceptance، أن تتقبل أن هذا الألم أمر طبيعي، لأنك تمر بشيء مزعج، أن تتركه يأخذ مساره في نفسك، تحزن بما يكفي، وتقلق، حتى تتخلص الروح من كل الطاقة السلبية المرتبطة بهذه الآلام، وتعود إلى نفسك الأصلية.

هذا لا يعني استسلامك للألم وعدم اتخاذك خطوات للتغير، ولا يعني أن تحب الألم، أنت فقط تقبل أن هذا جزء من الحياة، ولا يجب أن تحزن على نفسك لأنك حزين، فالحزن جزء طبيعي من الحياة.

قبل أن أختم، هناك أيضا نصيحة جميلة جدا وهي أن تعمل دائما على أن تلاحظ الأشياء من حولك من خلال قناعتك الداخلية بأنك ستجد أشياء جديدة لا تعرفها وستستفيد منها في حياتك.

عدم فعل ذلك والمضي شاردا في هواجسك دون أن تلاحظ شيئا من حولك يعني أنك تعتقد أنك لن تتعلم شيئا جديدا ويعني أنك لن تستمتع بالحياة وروائعها الصغيرة.

* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية