عند نشر هذا المقال سيكون مؤتمر الحزب الديمقراطي الأمريكي قد بدأ يوم الإثنين لينتهي يوم الخميس القادم، وخلاله سيقبل باراك أوباما، ترشيح الحزب له ليقود معركته الانتخابية ضد الحزب الجمهوري في نوفمبر القادم.
بعدها بأسبوع سيبدأ مؤتمر الحزب الجمهوري والذي سيقبل فيه جون ماكين، ترشيح الحزب له ليصارع من أجل بقاء الجمهوريين في البيت الأبيض بعد انتهاء عهد الرئيس بوش.
هذان المؤتمران الحزبيان هما تقليد كلاسيكي قديم في الانتخابات الأمريكية التي تحصل كل أربع سنوات، ولكن ما هو جديد هذا العام هو حضور مئات المدونين لكلا المؤتمرين والذين سيغطون المؤتمرين على الإنترنت دقيقة بدقيقة، كل من وجهة نظره الخاصة.
قد لا يفهم الكثيرون من الناس الفرق بين المدونة وبين الموقع الإخباري الإلكتروني، ولكن المسألة تكمن في الأصل في القواعد المهنية التي يتبعها الموقع، فبينما يعبر الموقع الإخباري عن مؤسسة إعلامية لها التزام بالقيم الإعلامية الشائعة، تأتي المدونة كارتباط بمدون أو مجموعة مدونين يرسمون لأنفسهم أي قواعد يختارونها، وهي في النهاية عمل شخصي، ولكن ما حصل حقيقة أن بعض المدونات حققت من النجاح والانتشار ما جعلها أقوى من المواقع الإلكترونية الشهيرة.
أحد المشكلات التي واجهت منظمي المؤتمرين السياسيين هي تخصيص تصاريح وأماكن خاصة لهذا الجمهور الجديد غير المعتاد “المدونين”، وأحد المشكلات التي واجهت المدونين توفر الميزانية التي تسمح لهم بالسفر لحضور المؤتمر، ولذا قامت عدد من المدونات الأمريكية السياسية المعروفة بإعلان طلب للتبرعات على الموقع من جمهور المدونة، والتي يبدو بالفعل أنها نجحت بشكل كبير في تحقيق مرادها.
لماذا يقبل الناس على المدونات ويتبرعون للمدون لحضور المؤتمر السياسي المنقول على التلفزيون على الهواء مباشرة وتغطيه مجموعة هائلة من وسائل الإعلام ؟.
الجواب ببساطة؛ لأن هناك نسبة متزايدة من الناس لا تثق بمصداقية التغطية الإعلامية وتعتبر أن الإعلاميين سيكونون منحازين لجهة ما، وهم يثقون في المدون أكثر وفي تغطيته وحياديته في الكتابة.
لقد فرض المدونون أنفسهم بقوة على الواقع السياسي الأمريكي، حتى أن الحزب الديمقراطي هذا العام قد خصص خيمة ضخمة للمدونين مساحتها حوالي 1000 متر مربع مزودة بكل احتياجات العمل والإنترنت المجاني والأكل الكافي لأربعمئة مدون سيحضرون المؤتمر.
الحزب الجمهوري من جهته سيقدم الأمر نفسه لـ200 مدون يقومون بتغطية الحدث على مدوناتهم.
في عالمنا العربي بدأت المدونات في فرض وجودها واكتساب جمهورها، وأعتقد أن الوقت قد حان لتلتفت إدارات العلاقات العامة في المؤسسات الحكومية والخاصة لهم لتدعوهم لمناسباتها حتى تكون جزءا من تغطيتهم للأحداث، فالمدونات السعودية يزورها أكثر من 100 ألف شخص يوميا، وهو جمهور لم يعمل أحد على مخاطبته حتى الآن.
لقد بدأ عهد المدونات!
* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية