أحيانا.. المؤسسات الحكومية هي السبب !

من قسم شؤون إعلامية
الأحد 03 مارس 2013|

في علم الإدارة هناك نظرية هامة تثبتها عشرات الدراسات تقول بأن الثناء الإيجابي عند الإنجاز، والسكوت عند الإخفاق، أفضل من السكوت عند الإنجاز والإخفاق، وأفضل من الثناء الإيجابي عند الإنجاز، والنقد عن الإخفاق، وأفضل من النقد فقط عند الإخفاق.

لهذا طالبت في مقالي الأسبوع الماضي “تويتر..بين جلد الذات وحب الوطن” بروح إيجابية أفضل في التعامل مع القضايا المحلية، وإيجاد توازن بين النقد وبين الإيجابية، لأن مصلحة الوطن تقتضي ذلك.

ولكنني في آخر المقال أكدت أن المؤسسات الحكومية أحيانا تكون هي مسؤولة عما يحصل، وذلك لتقصيرها في التواصل مع الجمهور بشكل سريع و”شخصي” وذكي يتوافق مع متطلبات الاتصال المؤسساتي في عصر الشبكات الاجتماعية والإعلام الرقمي.

نحن الآن في زمن مختلف عما كانت عليه الأمور قبل عدة سنوات، والمؤسسة الحكومية التي لا تنزل للجمهور وتتحدث معه بلغته وتوضح الحقائق بسرعة وشفافية وتقدير لذكاء الجمهور غير العادي فهي بذلك تسمح لـ”السلبيين” بأن يمرروا رسائلهم أيا كانت نواياهم، وتصبح المؤسسة الحكومية مسؤولة أيضا عن الظاهرة.

قبل أسابيع؛ قال لي أحد المسؤولين الكبار بأن النقد على “تويتر” يظلم المؤسسات الحكومية ويقلل من جهودها، وضرب أمثلة، فقلت له: “هل خرجت تلك الوزارات وأخبرت الجمهور بذلك ؟”، قال لي بأن الوزارة الفلانية أصدرت تصريحا بعد أيام يوضح الحقائق ونشر في الصحف، فأجبته بالعبارة الإنجليزية المشهورة: “Too Little, Too Late“، أي أقل من اللازم، ومتأخر أكثر من اللازم.

هذا يشرح لك لماذا حصل نمو سريع جدا لتخصص “الاتصال الحكومي” ودوراته التدريبية، لأن المشكلة عالمية، والضعف في هذا المجال لدى الجهات الحكومية عالمي كذلك، والجميع يبحث عن الحل.

 

هنا عشر نصائح سريعة للوزارات والمؤسسات الحكومية عموما بشأن التعامل مع الشبكات الاجتماعية:

  • انطلق في التعامل مع الشبكات الاجتماعية بروح إيجابية، ترى أن هذه الشبكات هي فرصة ذهبية لتوصيل الإنجازات والتوعية والتخاطب مع أكبر عدد من الناس بسرعة وتأثير لم يكن متوفرا من قبل، هذه الروح ينبغي أن تتسرب لكل الإدارات والمدراء حتى يساعدوا فريق الاتصال الاجتماعي بأفضل شكل ممكن.
  • واقع السوق حاليا أن شركات الاتصال والتسويق عبر الشبكات الاجتماعية ما زالت ضعيفة، ولذا فعليك أن تبني فريقك الخاص بك، ولكن في نفس الوقت لا تبخل على هذا الفريق بميزانية كافية للاستفادة من الشركات والخبراء فيما يتعلق بالاستراتيجيات والأدوات، فهذا المجال يتطور بسرعة هائلة، ويتطلب إبداعا عاليا، واطلاعا مستمرا، وفريق العلاقات العامة في الوزارة أو المؤسسة لن يمكنه تحقيق ذلك لوحده.
  • نظم حركة المعلومات في الوزارة أو المؤسسة بحيث يكون لدى من يتحدثون مع الجمهور كل المعلومات التي تمكنهم من الإجابة السريعة على أسئلتهم، وامنحهم “التمكين” اللازم بحيث يمكنهم الاتصال السريع ليلا أو نهارا مع أي مسؤول في الوزارة عند الحاجة.
  • حاول أن تتحدث بصدق وشفافية. اعترف بالخطأ فورا، واشرح للجمهور ما ستفعله لتلافي تكرر الخطأ ومعالجة آثاره، واعرف أنه لا يمكنك إخفاء شيء اليوم. هناك طبعا حالات تكون المعلومات سرية وغير قابلة للطرح العلني، وهناك طرق كثيرة للتعامل مع هذه الحالات كذلك.
  • الجمهور هو عميلك، والعميل دائما على حق، والتعاطي مع الجمهور باستعلاء يعني أن تخسر المعركة، وأن تستعدي الجماهير في زمن تملك فيه هذه الجماهير أدوات الاتصال الجماعي. فريق العلاقات العامة يجب أن يفهم تماما أن كل شخص من الجمهور يستحق التعامل معه بتقدير حتى لو كان طلبه غريبا أو غير منطقي أو سلبيا.
  • احصل على الأدوات التقنية التي تمكنك من رصد كل ما يقال عنك على مدار الساعة، حتى يستطيع الفريق التدخل فورا والدفاع عن المؤسسة والتجاوب مع الجمهور قبل أن تكبر كرة الثلج ويصبح من الصعب التحكم بها.
  • اطلب تقارير شهرية (كمية وكيفية) تشرح لك ما يقوله الجمهور عن الوزارة وأدائها سلبا وإيجابا، واحرص على أن تناقش التقارير مع مختلف المدراء والإدارات، بحيث يصبح هذا النقاش أحد طقوس الوزارة والمؤثرات في قراراتها.
  • الاتصال مع الجمهور يجب أن يحمل روحا إنسانية، وطنية، فيها الكثير من الحب والتواضع والصدق، وهذه الروح لن تصل للجمهور إذا لم تتحقق في المؤسسة.
  • اصنع محتوى عن الوزارة وإنجازاتها وأنشطتها وأهدافها، وعن القضايا التي تهتم بها، وهذا المحتوى يجب أن يكون فيه الكثير من الإبداع والإتقان، ويجب أن يتضمن الكثير من الصور والفيديوهات والمعلومات و”الإنفوجرافيكس” (الرسوم التوضيحية)
  • كون قاعدة معلومات عن أكثر الأسئلة شيوعا واطلب تحديثها باستمرار بحيث تكون في يد كل موظفي المؤسسة عند التواصل مع الجمهور على الشبكات الاجتماعية.

أخيرا، حتى لا أكون سلبيا، لا بد من الثناء على كل الذين يتواصلون ويتحدثون مع الجمهور ويبذلون جهدهم لإبراز الإنجاز الحكومي، فهذا الجهد الجماعي هو ما سيغير الصورة السلبية، ولعل الطفرة الإيجابية التي حصلت في الصورة الذهنية لوزارة التجارة في السنة الماضية تثبت ذلك.

* نشر المقال في جريدة الوطن السعودية