رغم أن العنوان يبدو شديد المبالغة، إلا أنه بالضبط ما كان يقوله المجتمعون في مؤتمر عقد مؤخرا بلندن باسم “قمة التجارة الاجتماعية” Social Commerce Summit، والذين باختصار يرون أن الشبكات الاجتماعية غيرت طريقة التفكير داخل الشركات، وأن عددا كبيرا من الشركات الغربية تستعد خلال 2012 لتحول جذري وانقلاب كامل في طريقة تعاملها مع الجمهور، بعد نجاح تجارب التسويق عبر الإعلام الاجتماعي، ومع التزايد الهائل لاعتماد الجماهير المستهدفة على الشبكات الاجتماعية.
فيما يلي سأشرح بعض مظاهر هذا التحول الجذري الذي ستحدثه الشركات، وهو تحول يأتي كاعتراف بأن الشبكات الاجتماعية لم تعد مجرد وسيلة للتواصل، ولم تعد طريقة مثلى للتسويق والعلاقات العامة، بل أكثر من ذلك حيث غيرت الشبكات الاجتماعية وبسرعة غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية كيف يفكر الناس، وكيف يتعاملون مع المعلومات، وأهم من ذلك بالنسبة للشركات والعلامات التجارية غيرت كيف يتخذون قرارات الشراء اليومية.
لهذا كله خرج مصطلح “التجارة الاجتماعية” وهو مصطلح ولد في 2011، ويعتبر تطورا طبيعيا لمصطلح “التسويق الاجتماعي”، ولو بحثت في “جوجل” ستجد عدة مؤتمرات خلال عام 2012 تحمل مصطلح التجارة الاجتماعية.
فيما يلي أهم مظاهر التغيير التي ينبغي أن تشهدها الشركات خلال عام 2012:
- التسويق بكل فروعه يجب أن يصبح “متمركزا حول العميل” (Consumer Centric)
حاليا التسويق يركز على العلامات التجارية ويركز على قناة التوزيع “المحل التجاري أو غيره”، ولكن التسويق ينبغي أن يتغير ليصبح متمركزا حول العميل، في عالم انهدمت فيه الحواجز بين قنوات التوزيع بسبب التسوق الإلكتروني والتسوق عبر الموبايل، وفي وقت أعطت الشبكات الاجتماعية صوتا للجمهور ليحددوا ما يريدون.
باختصار لم يعد مهما أن تجتذب الجمهور للوصول إلى قناة التوزيع التي يحصل منها على المنتج أو الخدمة، بل المهم أن تجتذبه لينضم إلى عالمك ويجد أنك تحيط به أينما ذهب، وأن الشركة تستمع لصوته بسرعة وديناميكية وذكاء وحميمية في الآن نفسه.
وإذا كانت شبكة الإنترنت بدأت تبنى حول الأشخاص مع موت بطئ للإنترنت التي تبنى لتقرأ كما هي، وانخفاض للاهتمام بالبحث عموما، فإن الشركات يجب أن تبنى بالطريقة نفسها، كما أن مجرد وصول الناس إلى صفحتك في “فيسبوك” لم يعد كافيا كما كان التركيز في 2011، بل ينبغي الآن أن تعرف كيف تبنى عالما من حولهم متوافق مع أهدافك التجارية.
- في السابق كانت الشركات تستخدم الأبحاث وحجم التجاوب مع الإعلان لفهم الجمهور ومعرفة الدوافع والمحفزات وراء قرار الشراء
مع الانخفاض السريع لتأثير الإعلان على قرارات الشراء – حوالي 14% في أوروبا -، وارتفاع لتأثير “الأصدقاء” إلى حوالي 90% فإن فهم الجمهور يجب أن يتم عبر الشبكات الاجتماعية بشكل خاص، وكما يقول أحد الخبراء في هذا المجال فإن كثافة المعلومات التي تمنحك إياها الشبكات الاجتماعية عن الجمهور يحملك مسؤولية التفاعل بديناميكية معها من خلال مؤسسة سيعاد بناءها في 2012 لتحقيق ذلك.
- الشركات تحتاج لإعادة هندسة ثقافتها الداخلية حتى تستوعب كل هذه التغيرات
هناك شركات تدرس الآن تطوير نظام الرواتب والمكافآت ليصبح مرتبطا بثقافة المستهلك
شركة DELL طورت سبعة نصائح لهذا التغيير هي: تعلم تقبل النقد، اتخذ قراراتك بسرعة بناء على آراء الجمهور، علم فريق العمل ليكونوا جزءا من الحوارات الاجتماعية عن الشركة، كثف عمليات قياس النجاح، ابني اجراءات المؤسسة لتكون حول الجمهور، أدخل التواصل الاجتماعي في التسويق وخدمة العملاء بكثافة، وأخيرا كن صبورا!
في السابق كان يقال بأنه ينبغي تعليم الموظفين وإدخالهم في روح التواصل الاجتماعي مع الجمهور قبل إحداث تغييرات جذرية، هذا قد تغير في 2012 لأنه بطيئ وأقل فعالية.
الجواب الآن أعد هيكلة الشركة مباشرة، ضع الإجراءات، وافرض على الموظفين التعلم بأسرع وقت، حتى يمكن مواكبة التغيرات الهائلة في حياة الجمهور اليوم.
- كيف تصبح الشركة جزءا من الحوار الاجتماعي اليومي للجمهور ؟
هذا هو السؤال الصعب الذي يبحث الجميع عن إجابة له، ويبدو أن الإجابة أصبحت أوضح في 2012، فالجمهور يحتاجون أن تكون جزءا من حياتهم، هناك مناخ اجتماعي يتغير على مدار الساعة، والسر هو أن تكون جزءا من هذا المناخ الاجتماعي المتغير وأن تشارك فيه، ومن هنا جاءت عبارة “Context is King“ولهذا حكاية طويلة، نتحدث عنها لاحقا.
أعرف أن المقال كان ثقيل الدم عليكم، ولكن لم يكن لي منه بد..!!