لكل حدث ضخم بضخامة ما حصل في مصر نجوم، وأحد أهم نجوم الثورة المصرية الأخيرة هو وائل غنيم، الذي لا يتعدى كونه شابا استفاد من إمكانيات الإنترنت والشبكات الاجتماعية الهائلة ليطلق شرارة التغيير الذي حلم به.
وائل لم يكن غريبا عن عالم الإنترنت بسبب نشاطه لدعم مختلف مبادرات الإنترنت وعمله في “جوجل”، ولكن صفحته “كلنا خالد سعيد” والتي تضم حتى الآن حوالي 730 ألف متابع، هي التي ينسب إليها الفضل في إطلاق الثورة في يوم 25 يناير.
ووائل؛ هو مثال حي على ما يسمى حاليا بـ”مشاهير الإنترنت” (Web Celebrities)، لأن المؤكد أنه كما أن هناك نجوم للإعلام والفن والرياضة والسياسة والاقتصاد، فإن الإنترنت صارت تصنع نجومها، وهؤلاء النجوم يتفوقون أحيانا في شعبيتهم وتأثيرهم على النجوم الآخرين.
لعقود طويلة، كانت النجومية تصنع من خلال وسائل الإعلام الكلاسيكية، وكانت هناك طرق عديدة ومتنوعة لمعرفة أكثر الناس شهرة وشعبية بين مختلف فئات الجماهير، ثم جاءت شبكة الإنترنت لتخلق طرقا مختلفة للقياس، ولتعطي الجميع فرصا متساوية للشهرة، ففتاة تملك كاميرا شخصية في منزلها تصور من خلالها أراءها وتنشرها على “يوتيوب” تملك فرصة لا تقل عن فرصة النجم الذي يظهر على التلفزيون أو عبر الصحف، والخيار أصبح فقط للجماهير التي تقرر ما تشاهده ومن تتفاعل معه وتتابعه عبر وسائل الإعلام الجديد أو الكلاسيكية.
هذا المفهوم هو ما دفع مجلة “فوربس” العالمية لتصدر قائمة سنوية بمشاهير الإنترنت “بدأت في عام 2007″، ولو فحصت القائمة الأخيرة التي صدرت عام 2010 ستجد فيها على قمتها بيريز هيلتون، وهو شخص لديه مدونة باسمه لمتابعة أخبار وشائعات نجوم هوليود يزورها ملايين الأشخاص كل يوم، وأحد أكثر 500 موقع إنترنت من حيث عدد الزيارات، ولديه حوالي مليونين شخص يتابعونه على “تويتر”، ويأتي بعده مايكل أرينغتون صاحب موقع TechCrunch.com، وهي مدونة متخصصة في أخبار التقنية، ثم الأسكتلندي بيت كاشمور ولديه مدونة تقنية أخرى، ولو رأيت أرقام الجماهير التي تتابع هذه الأسماء ستجد أنها تفوق كثيرا من المشاهير الكبار حول العالم.
في المملكة العربية السعودية، يأتي تركي الدخيل على رأس قائمة مشاهير الإنترنت من حيث “القوة” على موقع “تويتر”، ومصطلح القوة يتضمن عدد المتابعين والتأثير وعدد من العوامل الأخرى، ويمكن رؤية القائمة كاملة على هذا الرابط.
يأتي بعده شخص برز اسمه بشكل واضح خلال أزمة سيول جدة وهو عبدالعزيز الشعلان، وهو طالب في المنطقة الغربية وعاشق للإنترنت، ويليه رائد، وهو أحد نجوم لعبة كيلزون، ثم عصام الزامل، صاحب مدونة مشهورة ومدير لأحد الشركات التقنية.
وإذا كان تركي الدخيل قد حقق شعبيته من خلال برنامجه التلفزيوني المعروف ومن خلال كتبه، فإن هذا لا يعني أن مثل هذه الشعبية ستعطيه طريقا سهلا لتصدر اهتمام موقع “تويتر”، وإلا ما كانت القائمة خالية من أي مشاهير كلاسيكيين آخرين – باستثناء الشيخ سلمان العودة في المرتبة السابعة -، لأن جماهير الإنترنت لديها خيارات كثيرة، وتبحث عن من يلبي احتياجاتها ويمتعها ويدرك فن توصيل الرسالة المناسبة للإعلام الاجتماعي الرقمي، وهي رسالة يجب أن تتمتع بالذكاء والفائدة والإمتاع، وهذا ما يميز كل هؤلاء بالتأكيد.
لقد كتبت كل هذه المقدمة حتى أشرح لكل القراء أن زمن التسعينات قد ذهب، وأن جماهير الشباب يمكنها الآن أن تحقق شعبيتها وانتشارها دون أن تحتاج لموافقة قنوات الإعلام الكلاسيكي، ويمكن لمن لديه ما يقوله ويملك الإبداع والذكاء، والقدرة على التفاعل الإيجابي أن يجذب اهتمام الجماهير ويؤثر فيهم، وهذا بالتأكيد له فوائده أيضا من الناحية المادية، لأن هذه الشهرة كانت لكثير من هؤلاء طريقا سهلا للوصول إلى ما يريدون، وكثف من إقبال الإعلام والمستثمرين عليهم، وهو أمر يتزايد بشكل سريع في مختلف أنحاء العالم.
كيف تصبح نجما على الإنترنت ؟
سؤال سهل إذا استطعت أن تمنح نفسك الروح الخلاقة التي تجيب على سؤال آخر: لماذا سيتابعني الملايين على الإنترنت ؟، كيف سأمتعهم وأحافظ عليهم كجماهير ومتابعين ؟، وما هي الصورة الذهنية التي سأبنيها عن نفسي عندهم ؟، وكيف سأكون مختلفا عن الآخرين في الساحة ؟.
ليس هناك إجابة صح أو خطأ، لأن اختبار الإجابات على هذه الأسئلة سيكون من خلال الجمهور الذي لا يجامل، والذي تقيس اختياراته أرقام واضحة، ويمكنك عبر الزمن أن تعدل من إجاباتك لتجد الإجابة النهائية التي تحقق لك ما تريد، وأنت في النهاية تستمتع بوقت فراغك وتحقق ذاتك، وربما تحدث تغييرا ما كما فعل وائل في مصر..!
* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية