التنصت على أحاديث «فيسبوك» ضرورة للبزنس..!

من قسم شؤون إعلامية
الإثنين 16 مايو 2011|

ربما كان حلم كل مدير تسويق في السابق أن يعرف ما يقوله الناس في أحاديثهم اليومية عن شركته أو منتجاته أو علامته التجارية، وهو ما تستثمر الشركات فيه ملايين الدولارات كل عام تحت مسمى “أبحاث السوق” و”استطلاعات العملاء والجمهور”.

ولكن الإعلام الاجتماعي الرقمي (Social Media) قد غير المعادلة، ونشأ فن تسويقي جديد قائم على الجهود الضخمة المبذولة في تحليل ما يقوله الناس عن المنتج أو الشركة على مواقع “فيسبوك” و”تويتر” والمنتديات وغيرها الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، وهذا الفن يحمل اسم “التنصت على الشبكات الاجتماعية” وهي ترجمتى الخاصة للمصطلح الإنجليزي “Social Media Listening“.

هناك حاليا عشرات البرامج التي تقوم بمهمة التنصت بشكل آلي، وتقوم بتحليل لغوي للعبارات لتعرف ما الإيجابي والسلبي منها وذلك بمجرد كتابة أمر بحث من خلال هذه البرامج والتي تسمى ببرامج “Social Media Monitoring“، هذه البرامج ما زالت ضعيفة للبحث باللغة العربية، ولكنني أتوقع أن يتغير هذا الأمر خلال عام أو عامين.

التنصت على الشبكات الاجتماعية أمر يجب أن يتم بشكل يومي وليس فقط كما يكون للشركة حملات تسويقية “وهو ما يفعله عادة مدراء التسويق لدراسة أثر هذه الحملات”، وذلك لأن الأزمات تحصل عندما لا ينتظرها أحد، وهذا حصل في حالات كثيرة دولية ومحلية، حين اكتشفت الشركة فجأة أن هناك أزمة سلبية ضدها تدور على الشبكات الاجتماعية بدون أن تدرك الشركة ذلك إلا بعد فوات الأوان، وما تواجهه أحد كبرى المنشآت السعودية اليوم على الشبكات الاجتماعية لا يخرج عن هذا الإطار.

في تقارير “التنصت على الشبكات الاجتماعية” هناك خمس أمور ينبغي أن يبحث عنها صانع القرار ومدير التسويق أو القائم بتحليل الرأي  العام، وهو ما يسميها الغربيون الـ5Ws، أي “who, what, when, where and why“، من، ماذا، متى، أين، ولماذا ؟، وفيما يلي شرح سريع لمن يهمه الأمر:

  • من: من هم هؤلاء الذين يتكلمون عنك ؟ هل هم مؤثرون في الشبكات الاجتماعية بحيث يتداول الناس آرائهم ويتلقون عشرات التعليقات ولديهم جمهور كبير من المتابعين ؟ هل هم من فئة معينة من الجمهور سواء من الناحية الأيديولوجية أو العمرية أو الجغرافية أو غيرها.
  • ماذا: هذا هو السؤال الصعب؛ ماذا يقول الناس عنك ؟

ليس بالضبط ما هي العبارات، بل ما هو طبيعة ما يقولونه، هل هو تجربة معينة لشخص أم تجربة واسعة أم رأي ذي طبيعة ثقافية أو أيديولوجية، أو رأي له دافع معين، وما هي بالضبط الجوانب التي يركزون عليها في أحاديثهم.

  • متى: متى تظهر الأحاديث على السطح، هل في حالة خبر معين، أو في حالة ظهور منتج جديد، أو في حالة تصريح لأحد مسؤولي المؤسسة الذين يستفزون الناس، أو يظهر الحديث بلا مناسبة معينة.
  • أين: أين تتم أحاديث الجمهور ؟ “فيسبوك” و”تويتر” ؟ المدونات النخبوية ؟ المنتديات ؟

إن طبيعة الصفحات والمواقع تشرح أحيانا الكثير عن مصدر الأحاديث عن الشركة والمنتج، وبالتالي يساعد في وضع خطة لمواجهتها.

  • لماذا: هذا هو السؤال الأكثر أهمية، لأن فهم الدوافع والمحفزات وراء أحاديث معينة عن المؤسسة أو المنتج هو ما يشرح مصدرها ويعطي الوصفة للتعامل معها.

في الغالب لا يمكن فعل ذلك من خلال التنصت فقط، كما أنه لا يمكنك أن تعرف لماذا يكرهك شخص ما بمجرد سماعك له يشتمك في حديثه مع صديق لك.

ولذا لا بد من اللجوء للطرق الأخرى في الوصول للجمهور سواء كان هذا من خلال الطرق التقليدية “أبحاث السوق”، أو من خلال التفاعل مع الجمهور عبر تلك الشبكات الاجتماعية والتحادث مع بعضهم بشكل مباشر لفهم وجهات نظرهم ودوافعهم وما يعرفونه فعلا عن المنتج أو الشركة.

فعالية التنصت على الشبكات الاجتماعية تأتي من خلال التحليل الذكي والعميق والسريع أيضا لما يقوله الجمهور، ولكن الفعالية الحقيقية تأتي من قدرة المؤسسة على التعلم مما تسمعه وتغيير آلياتها وخططها على أساس ذلك بذكاء وعمق وسرعة كذلك، تماما عندما يدرك الفرد ما يقوله الناس عنه ويستطيع إحداث خطوات سريعة لتجنب ذلك في المستقبل.

في آخر العام الماضي أطلقت شركة Dell، وهي أحد الشركات المميزة في العالم في التعامل مع الإعلام الاجتماعي “مركز قيادة التنصت على الشبكات الاجتماعية” (Social Media Listening Command Center)، وهذا يعني أن هذا الفن لم يعد مجرد عمل جانبي بل مهمة أساسية لأي شركة تريد أن تنمو وتتطور من خلال فهم جمهورها والاستجابة لرغباتهم وفهم أفكارهم وآرائهم والتفاعل معها بشكل ذكي وسريع.

* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية