«فيسبوك» عربي بدعم من البنك الإسلامي للتنمية..!

من قسم شؤون إعلامية
الإثنين 23 أغسطس 2010|

واحد من التحديات الكبيرة التي تواجه صناعة مواقع الإنترنت في العالم العربي هي تلك المنافسة غير العادلة مع المواقع العالمية والكبرى، والتي استطاعت أن تجذب جمهورا عربيا ضخما، وهذا يشمل مواقع الشبكات الاجتماعية ومواقع الفيديو ومواقع البريد الإلكتروني والبحث وحتى أنظمة الموبايل الذكية الحديثة والتجارة الإلكترونية، وهي كلها منتجات تصنع في أمريكا ويتم تصديرها إلى العالم العربي لتصبح جزءا أساسيا من حياتنا اليوم.

في السابق كان من الصعب إقناع أحد، وخاصة على المستوى الرسمي والحكومي، بأن هذه المواقع والمشاريع التكنولوجية ستسيطر على حياة الناس، وما زال الإقناع صعبا، ولكن هناك الآن كم هائل من الأرقام والإحصاءات والدراسات التي تؤكد مجتمعة أن من يتحكم في هذه المشاريع سيتحكم في ثورة المعلومات، وأن ثورة المعلومات ستكون هي محور الاقتصاد العالمي خلال عقود الزمن القليلة القادمة.

الحل الوحيد في نظري لمواجهة السيطرة الأمريكية هو نشوء شركات تكنولوجية عربية ضخمة تعمل على الصعيد المحلي على منافسة شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة، وتحاول إيجاد نوع من التحكم العربي في ثورة المعلومات بما يخدم احتياجات الأجيال والأوطان العربية، وهو حل ليس بمبتكر، فهذا الحل يقع في صميم استراتيجيات دول مثل الصين والهند واليابان والاتحاد الأوروبي وفرنسا وحتى كندا، وهي تستثمر منذ أكثر من عشر سنين مليارات الدولارات في هذا الاتجاه، حتى أن دولة مثل الصين، عملت جاهدة على تطوير أنظمة برمجية بديلة لأنظمة Microsoft، واستطاعت فعليا القضاء على احتكار Microsoft وغيرها لبرمجيات الإنترنت من خلال دعمها الضخم لأنظمة المصدر المفتوح Open Source المجانية، والتي تقوم عليها ملايين المواقع حول العالم بما فيها موقع ياهو الشهير.

كنت أيضا قد تحدثت في مقال سابق عن جهود دول آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية على دعم مواقع شبكات اجتماعية محلية مميزة لتمنع الاحتكار الكامل لـ”فيسبوك” و”تويتر” لعالم الشبكات الاجتماعية والذي يتوقع نموه بشكل هائل خلال الفترة القادمة.

لكن كيف يستطيع العالم العربي تأسيس شركات تكنولوجية ضخمة إذا كان سوقنا المحلي ما زال صغيرا وغير قادر على دعم هذه الشركات ؟.

الجواب في نظري هو أن تتلقى هذه الشركات الدعم غير الربحي، وهذا الدعم لا يفترض أن يأتي من حكومة عربية واحدة لهذه الشركات، لأن طاقاتنا التكنولوجية موزعة على مختلف دول العالم العربي، ولأن سوقنا مبعثر، ولأن العالم العربي كله لا يتحمل الكثير من الشركات، وإنما الجواب في نظري أن تكون جهودا متضافرة بين الدول العربية والإسلامية، ولذا رشحت في عنوان هذا المقال البنك الإسلامي للتنمية، ولم أرشح غيره لأن المنظمات الإقليمية الأخرى مثل جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي أثبتت فشلها الكامل في دعم المشاريع الاقتصادية على مختلف أنواعها.

لعل ما يميز البنك الإسلامي للتنمية هو تنظيمه الداخلي القوي، وارتباطه بوزراء المالية في العالم الإسلامي، وإشراف المملكة العربية السعودية عليه بشكل يهدف فقط لتحقيق أهداف هذا البنك، ومسيرة هائلة من الإنجازات، ولكن البنك بقي خلال هذه العقود كلها يركز على المشاريع التنموية الأساسية، ومحاربة الفقر ودعم البنية التحتية في الدول الإسلامية، وهذه رسالة نبيلة ولا شك، ولكن هذا في رأيي لا يكفي.

أظن أن على البنك الإسلامي للتنمية أن يخلق مساقا آخر لعمله يركز على التنمية التكنولوجية وعلى ثورة المعلومات وعلى صناعة عالم إسلامي وعربي أقوى، وقد يكون ذلك من خلال المساهمة في تأسيس منظمة إسلامية أو عربية تهدف بشكل خاص لتنمية الرقي التكنولوجي في العالم العربي على كل المستويات.

يؤلمني كثيرا – كما يؤلم كثيرا من الناس _ ما نعيشه من ضعف على مستوى التكنولوجيا ومنصات الإعلام الجديد، وإذا كنا قد خسرنا المنافسة من قبل كعالم عربي على مستوى التكنولوجيا العسكرية المتقدمة والطب وغيرها، فإن الفرصة لا زالت متاحة أن لا نخسر على مستوى تقنيات المعلومات والبرمجيات وبناء المنصات الإعلامية الرقمية.

هذا المقال يمثل اقتراحا فقط، وربما كان لدى من يملكون صناعة القرار حلولا أفضل وأكثر فعالية، ولكن الهدف في النهاية واضح وبسيط: عالم عربي وإسلامي مستقل ومتقدم تقنيا..!

* خاطرة سريعة: كتبت يوما في هذه الجريدة عن الحاجة لثقافة تدعم حقوق الإنسان فأرسل لي الوزير الراحل الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله، يدعم فكرة المقال وأهمية حقوق الإنسان.

رحل القصيبي، وبقيت الرسالة، وبقيت الأحلام التي حملها القصيبي لنهضة وطنه وأمته. كلنا يبكي القصيبي، ولكن بعضنا يجب أن يتحمل مسؤولية تحويل أحلامه إلى حقيقة. رحمك الله أيها العظيم.

* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية