Facebook.com هو أحد أشهر مواقع “الشبكات الاجتماعية” والتي تحدثت عنها في مقال سابق، وفي هذا الموقع يقوم الشخص بتأسيس صفحة له ينشر فيها صور وملفات فيديو ويكتب فيها ثم يربطها مع من شاء من الأصدقاء أو يشارك في مجموعات النقاش التي تناقش كل موضوع تقريبا.
بشكل مختصر، هذا الموقع والمواقع الأخرى مثل MySpace.com، ساهمت في إيجاد ما سمي بـ”الإنترنت رقم 2″ web 2.0، لأنها انتقلت بالإنترنت من مجرد استقبال وتفاعل حول المعلومات والمحتوى إلى مجتمع متكامل يعيش فيه الناس حياة ثانية منفصلة وموازية لحياتهم الأخرى على الأرض.
موقع “فيسبوك” سيحصل على الكثير من المال من دخوله لسوق الأسهم، حيث يعتقد المساهمون أن الموقع سيكون موقعا مربحا في النهاية بحكم أنه يجتذب عددا هائلا من المشاركين ومن الزيارات، وهذا الأمر ينطبق على العالم العربي حيث يوجد نسبة عالية من العرب المشتركين في الموقع، ولكن هناك وسيلة أخرى للاستفادة المادية من الموقع وهي استخدامه في التسويق والعلاقات العامة.
ولعلك تستغرب أنه توجد حاليا وكالات متخصصة في استخدام “الشبكات الاجتماعية” في التسويق، حيث أثبتت هذه التجربة نجاحها بشكل غير عادي، وبدأت شركات عملاقة مثل BMW و Coca-Cola وغيرها، تعتمد على هذه الوكالات في خوض هذه التجربة الغريبة من نوعها.
أساس الفكرة هي أن تشارك الشركات في الحوار الدائر في هذه المواقع من خلال الاستماع للناس، والمشاركة معهم والتعليق على مختلف الموضوعات.
المشاركة يمكن أن تكون من خلال “مشجع متحمس” أو من خلال “شخص مسؤول”، وهناك نقاش أيهما أفضل، ولكن لا يبدو هذا مهما بقدر أهمية أنه لا بد من المشاركة لأن الحوار يمضي ويتسع بوجود الشركة أو بدون.
الثورة في مجال التسويق والعلاقات العامة تأتي هنا مع دخول مفاهيم جديدة تماما بسبب الشبكات الاجتماعية، فبينما في السابق كانت الشركات والمؤسسات توجه “رسائلها” إلى الجمهور، صارت الآن مطالبة بـ”الحوار” مع الجمهور، لأن هذه الشبكات الاجتماعية خلقت ديمقراطية جديدة من نوعها بحيث لم يعد من الممكن فقط ضمان التأثير على الجمهور من خلال خبر منشور في الصحف.
لقد بدأت الشبكات الاجتماعية على الإنترنت بأنواعها في خلق ثقافة جديدة تماما، وعلى مدراء التسويق والعلاقات العامة مواكبة ذلك لأن من يشارك في اللعبة قد يفوز، ومن يتجنبها فقد يخسر تماما، وخاصة أن النمو الشهري لعدد المشتركين في مواقع الشبكات الاجتماعية يزيد حاليا عن 270% كمعدل عالمي.
وقبل أن أذكر بعض التفاصيل، أحب أن أشير أنه بالنسبة للعالم العربي فإن المنتديات كانت بداية هامة أهملتها إدارات التسويق في أغلب الأحيان وكانت بعيدة عنها أو كانت محاولاتها رديئة، باستثناء بعض رجال الأعمال وحملات تسويق بعض الاكتتابات.
لقد ظهر مصطلح في مجال التسويق الإلكتروني اسمه “البيان الصحفي الجديد” وهو البيان الصحفي الذي توجهه الشركة للجمهور من خلال هذه المواقع، حيث يهدف عادة لبدء حوار مع الجمهور أكثر من مجرد إطلاق معلومات ورسائل معينة، ولكن من الواضح أن هذا يعني أن تكون الشركة جاهزة لأن تكون ذات مصداقية وشفافية في الحوار لأن الناس ستسأل وتناقش وتعترض وتشتم وتبحث عن معلومات وتنتظر من الشخص الذي يحاورها أن يحترم هذه النقاشات ويواكبها وإلا انقلب الأمر إلى ضده.
البيان الصحفي الجديد لغته شبابية جدا ودافئة Cool language، ويستخدم نفس لغة المنتديات والمدونات والشبكات الاجتماعية ويضع علامة الابتسامة كما يضعونها، وهو عادة مرفق بصور كثيرة وملفات فيديو وروابط للمدونة الأصلية للشركة التي تحمل كما ضخما من المعلومات التي تحدث يوميا عن الشركة ومنتجاتها وخدماتها.
لقد تحول الشخص اليوم بسبب التكنولوجيا من مستهلك للمعلومة إلى منتج ومشارك في المعلومة، وصار على الشركات التي تريد تأسيس حملات إعلامية وتسويقية ناجحة أن تحترم هذه المفاهيم وتستفيد منها بشكل ذكي في توصيل المعلومات التي تريدها للجمهور.
لقد أثبت الأبحاث التسويقية دائما أن الاتصال الشخصي هو أقوى وسيلة للتاثير، فتأثير الأصدقاء أقوى من تأثير أي رسالة إعلانية، والشبكات الاجتماعية أعطت الفرصة النادرة للشركات لتسويق نفسها وترويج رسائلها كما لم يحصل من قبل مستفيدة من هذه الخاصية بالذات.
أهلا بكم في سوق حرة للأفكار، البقاء فيها للأفضل فقط.
* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية