دب ينتج 6 مليارات سنويا!

من قسم شؤون إعلامية
الثلاثاء 25 يوليو 2006|

تعتبر أمريكا الدولة الأكبر في العالم في مجال إنتاج كتب وبرامج الأطفال التلفزيونية، وهناك عدة أسباب أدت لهذا التفوق الهائل منها عدد السكان الكبير في أمريكا وشغف الشعب الأمريكي بالقراءة وتعليم أطفالهم القراءة ووجود جماهير أخرى متعددة في كندا وبريطانيا وغيرها تتحدث اللغة الإنجليزية وتتعرض لأساليب التسويق الأمريكية المميزة.

لكن السبب الأساسي في نجاح إعلام الطفل في أمريكا هو الميزانيات الضخمة جدا وخاصة لبرامج الأطفال والتي تمول من الإعلان مباشرة، حيث يوجد في أمريكا شركات كثيرة جدا تنتج أشياء خاصة بالأطفال مثل الألعاب وغيرها وهذه الشركات تعلن بسخاء أثناء عرض برامج الأطفال.

 تستخدم شركات الإنتاج التلفزيوني والإعلان المتخصصة في الأطفال أسلوبا علميا يتميز في عرض نماذج من البرامج على جمهور مختار ومتنوع من الأطفال والتأكد من جذب البرنامج أو الإعلان لهم قبل أن يتم عرضه على الجمهور، ولطالما ألغي عرض برامج كلفت عشرات الآلاف من الدولارات لأنها لم تنجح في جذب عينة الأطفال المختارة للعرض المسبق.

أيضا توظف الشركات الأمريكية أطفال أذكياء برواتب جيدة حتى يسمعوا آرائهم في ما ينتجونه وأحيانا يقدم رأي الطفل على رأي الكاتب أو المخرج دون أن يعيبهم ذلك لقناعة الأمريكيين أنه لا يوجد إنسان قادر على الإنتاج الرائع في كل مرة.

هذا ما يفسر نجاح برامج الأطفال الأمريكية بشكل غير عادي وإذا عرفت أي صديق لك زار أمريكا مع أطفاله فاسأله عن هذه الظاهرة وستفاجأ بوصفه لأطفاله الذين يقل عمرهم عن سنة واحدة أو سنتين من العمر ومع ذلك يتسمرون أمام التلفزيون حين يظهر برنامجهم المفضل المصمم للأطفال في هذا العمر، ويقاس على ذلك برامج الأطفال الأكبر عمرا وبرامج المراهقين.

بعض برامج الأطفال حققت نجاحا حتى في جذب جمهور الكبار، بل إن مسلسل الأطفال الكرتوني «رجرتس» بقي على قائمة أكثر عشر برامج تلفزيونية شعبية _ بناء على عدد المشاهدين _ لأكثر من ثلاثة أعوام متتالية، وذلك لقدرته على جذب الصغار والكبار أيضا!!

بقي أن أشير أن الأمريكيين يتبعون أسلوبا تسويقيا ناجحا في الترويج لكتب وبرامج الأطفال والذي أثبتت الدراسات النفسية أثره البالغ في نفوس عموم الناس صغارهم وكبارهم.

في معظم برامج وكتب الأطفال تجد هناك شخصيات ثابتة لها شخصية واضحة ومصممة بشكل معتنى به بحيث ينجذب الطفل لهذه الشخصية ويتعلق بها ويشعر أن هذه الشخصية حقيقية له علاقة خاصة بها.

بعد أن تنجح شخصية من الشخصيات تجد هناك قصص أطفال حولها وبرامج تلفزيونية وأفلام سينمائية وألعاب وملابس وكل أنواع المنتجات التي تحمل صورة الشخصية كما يتم تعيين عشرات الأشخاص الذين يلبسون ملابس هذه الشخصية ويدورون في الحدائق والأسواق المركزية ليلتقط الناس معهم الصور كنوع من الترويج للشخصية.

وإذا كانت هذه الشخصية تحمل رسالة معينة كشخصية الطفل «آرثر» الذي يدعو الأطفال دائما للقراءة أو «بارني» الذي يدعو الأطفال دائما للتعامل الحسن مع الآخرين فإن كل مناسبة تنظمها جمعيات خيرية تعنى بهذه المبادئ يدعون لها هذه الشخصيات لتأثيرها في الأطفال، أما المدارس الابتدائية فحدث بلا توقف عن البرامج التي يحضرها أناس يلبسون ملابس هذه الشخصيات ليلتف حولها الأطفال ويبدؤوا الاستماع لنصائحهم حول مختلف الأمور التي يراد تعليمها للطفل.

قانون حقوق الابتكار في أمريكا يمنع أي شخص من الاستفادة من الشخصية المبتكرة ولو بمجرد وضع صورتها على حقيبة مدرسية بدون إذن من الشركة المنتجة، ولذا فالأرباح الصادرة عن استعمال شخصية مثل شخصية «ميكي ماوس» أو «علاء الدين» تذهب كلها لشركة «ديزني».

أحد أكثر الشخصيات أرباحا للعام الماضي كانت شخصية الدب «بووه» والذي حقق لوحده حوالي ستة مليارات دولار في عام 1999 _ منها مئة مليون دولار من قصص الأطفال وحدها _ بالرغم من أن مصمم الشخصية مات منذ 44 عاما “تم ظهور الشخصية لأول مرة في عام 1926 في قصة أطفال” إلا أن ورثته _ بالإضافة لشركة “ديزني” التي اشترت حقوق إنتاج أفلامه السينمائية في الستينات الميلادية _ مازالوا يربحون هذه المليارات إلى يومنا هذا.

في التجربة الأمريكية في مجال الإنتاج الخاص بالطفل دروس كثيرة يمكن الاستفادة منها مثل تشجيع الإبداع وتشجيع القراءة لدى الطفل، لكن الدرس الأهم في رأيي هو أن اتساع الرقعة السكانية في أمريكا سمحت بأعداد ضخمة من المبيعات مما عنى الكثير من المال وبالتالي إنتاج أفضل.

بالنسبة للعالم العربي فهناك 21 دولة تتحدث العربية ومئات الألوف من المسلمين في الدول الإسلامية الأخرى الذين يحبون تعليم أطفالهم العربية، ولو أمكن تقليل الحواجز البيروقراطية والاقتصادية والسياسية وتقوية الاتصالات والتبادل التجاري بين دول العالم العربي والمزيد من الاعتناء بتطوير أساليب التسويق الباردة لأصبح العالم العربي كله سوقا للإنتاج برقعة سكانية ضخمة تسمح لكتاب الطفل العربي بالانتشار والتميز.

إلى ذلك الحين ليس للطفل العربي إلا الحلم…!

* نشر في مجلة المرأة اليوم الإماراتية