فروق بسيطة بين انهيار «إنرون» الأمريكية وتدهور صحة «البلاد»

من قسم شؤون إعلامية
الأحد 14 يوليو 2002|

تصريحات الدكتور عبدالقادر طاش، رئيس تحرير جريدة البلاد وموظفي الجريدة، كانت مؤلمة للقطاع الإعلامي الذي رأى فيها بداية النهاية لتدهور صحة عدد من المؤسسات الإعلامية في المملكة التي لا تدار على أسس تجارية صحيحة.

كيف يمكن أن تقام مؤسسة إعلامية بلا ميزانية وبلا خطة تجارية ولا أرباح متوقعة؟

سؤال حمله كل متابع لأزمة “البلاد” والتي بدت للكثيرين وكأن الجريدة “ورطة” وقع فيها مجلس إدارة يخاف من مواجهة المجتمع بفشله في إنجاح أول جريدة سعودية، في حين تظهر علينا عشرات الصحف والمجلات الجديدة كل عام، ومواجهة فريق التحرير “الصبور” وأولهم رئيس التحرير بامتناعه عن دفع الرواتب تاركا إياهم لفترة طويلة في العراء بلا مقابل مادي.

وقصة “البلاد” ليست قصة جديدة على مجتمع الأعمال لدينا، فهناك شركات ومؤسسات كثيرة ضخمة تمضي عبر السنوات مختفية وراء التلميع الإعلامي رغم أن الواقع أنها مؤسسات فاشلة وخاسرة يديرها رجل أعمال أو مجلس إدارة “خائف” من إعلان الفشل، وطبعا الخاسر الوحيد هو عملاء هذه الشركات والمستثمرين فيها وموظفوها الذين يخدعون بمبني الشركة الرخامي ثم يدفعون الثمن غاليا بعد ذلك.

والمأساة تصبح أكبر وذات أثر ضخم على الاقتصاد الوطني عندما يتعلق الأمر بالشركات المساهمة التي تقوم عليها بنية أسواق الأسهم، ولعل مما لا يخفى على متابع، أن الشركات المساهمة العربية تمارس الكثير من إخفاء المعلومات والتلميع الإعلامي لتخفي خسائرها وفشلها، تاركة الفرد المستثمر في حيص بيص الذي يسمع عن الخسائر ويرى كل ربع سنة أن جميع الشركات المساهمة لديها أرباح هائلة!

ولأنها مأساة، فجميع الدول الكبرى التي تخاف من أثر أي تلاعب في مثل هذه الشركات المساهمة على اقتصادها لديها قوانين صارمة ضد أي تلاعب في الحسابات أو إخفاء للمعلومات، وكان إخفاء بعض المعلومات كفيلا في يوم وليلة بإنهاء شركة “إنرون” الأمريكية العملاقة التي تعتبر عمادا للسوق النفطي الأمريكي، لأن التساهل مع حالة مثل هذه يعني أن يفقد المستثمر العالمي والأمريكي ثقته في صحة المعلومات ويمتنع عن الإنفاق في الأسهم ويضعف الاقتصاد الوطني، وهذه الثقة هي التي تجعل الكثير من رجال الأعمال العرب والخليجيين يستثمرون في الأسهم الأمريكية ويخافون من الأسهم المحلية!!

 

إلى «قياصرة القراءة» العرب مع التحية ..!

أصبحت المقارنة بين حب الغربيين للقراءة والكتب وبين “قرف” العرب من القراءة والمكتبات أمرا مكرورا، وحلول مشكلتنا هذه تبدو كلها نظرية ولم تفلح في بيع كتاب واحد.

حتى “اليونسكو” نظمت برنامجها “كتاب في جريدة” بالتعاون بعض عدد من الصحف العربية أملا منها في جذب العرب الذين يبدون متقبلين للصحف لقراءة الكتب، ولكن بلا نتيجة.

من جهة أخرى، يبدو الرئيس الأمريكي جورج بوش، مقتنعا بأسلوب لجذب المزيد من الأمريكيين للقراءة، وبالتالي طبعا المزيد من الازدهار لصناعة النشر والكتب التي نترجمها نحن بعد ذلك، وهو تعليم الأطفال القراءة.

هذا ما جعل بوش، يعين شخصا بلقب “قيصر القراءة”.

مهمة الدكتور ريد ليون، هي إنتاج أفكار لجذب الأطفال للقراءة، وتجمعت هذه الأفكار في “مبادرة القراءة المبكرة” التي كانت جزءا من قانون التعليم الذي وقعه الرئيس بوش، قبل أسابيع، ويقضي بإنفاق 900 مليون دولار سنويا “حوالي ثلاث مليارات ونصف ريال سعودي” لتحسين مستوى القراءة لدى طلاب المدارس، وإنفاق 75 مليون دولار سنويا “حوالي 280 مليون ريال” لتحسين القراءة لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات.

في العام الماضي، أشرف ريد ليون، على مبادرة باسم لورا بوش، زوجة الرئيس الأمريكي، اسمها “بين الأسود” على اسم أحد القصص التي استعملت في تعليم الأطفال الصغار القراءة، ولقيت القصة نجاحا جيدا شجع الرئيس بوش، على دعم “مبادرة القراءة المبكرة”.

بقي أن نقول أن د. ليون، هو رئيس وحدة “سلوك ونمو الأطفال” في الأكاديمية الوطنية لصحة الطفل والتطور الإنساني، وهي مؤسسة أبحاث حكومية، وقد قضى الإحدى عشرة سنة الأخيرة باحثا في الأكاديمية مركزا على تعليم الأطفال القراءة، وذلك في 22 مركز أبحاث في أمريكا، وهو أيضا طيار عسكري متقاعد ورجل أعمال يستخدم طائرته الخاصة للتنقل بين مراكز أبحاث القراءة في أمريكا.

تعرف ليون، على الرئيس بوش، حين استفاد منه الأخير في دعم مشروع للقراءة بولاية تكساس، حين كان بوش حاكما لها، وكانت المفاجأة أن درجات الأطفال في مادة القراءة ارتفعت بشكل ملحوظ ووضع تكساس في مقدمة الولايات الأمريكية.

الطريف أن د. ليون، يواجه نقدا شديدا من الأوساط الأمريكية وصل إلى صفحات جريدة نيويورك تايمز، والسبب أن ليون، يؤمن أن تعليم القراءة يبدأ من تعليم الأطفال اللغة الإنجليزية ومهاراتها بشكل صحيح، بينما يرى معارضوه أن تعليم القراءة يبدأ من خلال “استخدام قصص جميلة لجذب اهتمام الأطفال في القراءة ويأتي تعليم اللغة بعد ذلك”.

لا أدري مع أي الفريقين يقف قياصرة القراءة العرب!

 

مجلة إلكترونية سعودية تقدم مفهوم الصحافة الشعبية

صحافتنا العربية بشكل عام والصحافة السعودية بشكل خاص صحافة “المكاتب الفخمة”، حيث ينتقل الصحفيون بين مكاتب المسؤولين إلى مكاتب مدراء الشركات إلى مكاتب الأكاديميين، وإذا نزلوا للشارع فهم يذهبون للملاعب الرياضية ومنتديات الشعر الشعبي الوهمية.

عدا عن ذلك، فأنت لا تجد لصوت الإنسان العادي الذي يشكل 99.99% من الناس إلا نادرا في التحقيقات الصحفية التي تكتب بلغة ساذجة يتحدث فيها مجموعة من أقارب الصحفي وأصدقائه مع صورهم الباسمة عن قضية تقليدية بعبارات تقليدية تشبه بعضها البعض “ستلاحظ ذلك لو حصل لك يوما أن تقرأها”.

لكن كما يحتاج المجتمع للصحافة النخبوية التي تخاطب العقول وتصيغ الرأي العام وتؤثر في القرار، يحتاج كذلك للصحافة الشعبية التي ترصد قضايا الناس واهتماماتهم وتتحدث بلغتهم وتستخدم مصطلحاتهم وتهتم بما يهتمون وتكره ما يكرهون.

ولأننا لا نملك صحافة شعبية، حصل انفصال في المجتمع بين “عموم الناس” وبين الكلمة والإعلام _ باستثناء الرياضة والشعر الشعبي طبعا _ لأن معظم الناس لا يهتمون بما يحصل في المكاتب الفخمة.

ربما كان هذا سببا رئيسيا في إقبال الناس على المنتديات العربية على شبكة الإنترنت، والتي تمثل بذرة الإعلام الشعبي، وجاءت مجلة “الإقلاع” الشهرية الإلكترونية والتي يحررها صحفي سعودي “خارق للقوانين” لتلقى إقبالا ضخما من الجمهور “الشعبي” الذي وجد أخيرا مجلة تتحدث بلسانه.

في العدد الأخير على الإنترنت حوار مع المبدع صالح العزاز، يتحدث معه عن معاناته الإنسانية مع مرض السرطان من على فراشه في مستشفى أمريكي.

صالح، يحكي بمساحات من الحب والشفافية وعمق التجربة الفاجعة وبحس المبدع العملاق الذي يبكيك بشجاعته وتأملاته.

وفي المجلة أيضا حوار مع الدكتور طارق السويدان، يطرح الأسئلة الصريحة التي تدور بأذهان عموم الناس وليس رجالات المكاتب الفخمة.

ومن يدري ربما تمثل “الإقلاع” لحظة “إقلاع” للصحافة الشعبية في بلادنا التي تهتم بالناس وبصوتهم ورأيهم، وتطرحها بشكل مهني ذكي وراقي في نفس الوقت.

* نُشر في مجلة المعرفة السعودية.. عدد رقم 81