الشركات والإعلام الاجتماعي: التجارب العالمية (4)

من قسم شؤون إعلامية
الإثنين 08 نوفمبر 2010|

لم يعد الإعلام الاجتماعي المعتمد على الانتشار عبر مواقع الشبكات الاجتماعية وبناء الصورة الذهنية للشركات والتفاعل مع جمهورها عبر موقع “فيسبوك” وغيرها أمرا قائما على بعض الاجتهادات الفردية من إدارات العلاقات العامة كما هو الحال حتى الآن في كثير من الشركات بل يتحول الأمر سريعا لفن مقنن، وظهرت عدة دراسات لتثبت بقوة أن الاستثمار في هذا المجال له عائده الكبير على الشركات وخططها التسويقية.

واحدة من أهم الشركات العالمية التي أعلنت خططها في مجال الإعلام الاجتماعي هي شركة كوكاكولا، والتي أعلنت خلال شهر أكتوبر الماضي إعادة هيكلة إدارة التسويق في المجموعة لتتناسب مع ثورة الإعلام الاجتماعي بعد أن حاولت قياس أثر حملاتها من خلال “نقاط التواصل” Connections لترى أن الإعلام الاجتماعي أفرز نتائج أفضل بكثير من الإعلان الكلاسيكي والإعلان المدفوع على مواقع الإنترنت، خذ مثلا تحقيق 150 مليون زيارة شهريا على فيديوهات لها علاقة بكوكاكولا على موقع “يوتيوب”.

المميز في تجربة كوكاكولا أنها اكتشفت أن المحتوى المميز والمتناسب مع تطلعات جمهور الإنترنت هو ما يصنع الفرق، وبدأت في الاستثمار في هذا المجال من خلال إعلانات يستمتع الجمهور بمشاهدتها “ولا يهرب منها”، وضخ هذه الإعلانات على “يوتيوب”.

قبل حوالي ستة أشهر شاركت في لجنة تحكيم لجائزة دولية متخصصة في مجال الإعلام الجديد اسمها Content 360 في فرنسا، وكان أحد فروع الجائزة استخدام المحتوى المميز بشكل إعلاني Branded Content والموجه لفئة المراهقين، وجاء تمويل الجائزة والمسابقة من شركة كوكاكولا والتي أرادت بكل شك تحفيز الأفكار الخلاقة في هذا المجال، لأن استراتيجيتها تقوم بشكل أساسي على استخدام هذا المحتوى في الوصول للجمهور من خلال مختلف وسائل الإعلام الاجتماعي.

تجربة كوكاكولا تعتبر مهمة جدا لأنها كما يقول الصديق ومسؤول التسويق اللامع خالد طاش أهم محاولة _ وربما الأولى من نوعها _ لشركة تعتمد في نجاحها وآلياتها على تسويق علامتها التجارية ومنتجاتها على دخول الإعلام الاجتماعي والاستثمار فيه.

في الأسبوع الماضي استعرضت تجربتي Starbucks و Toyota واللتين تصدرتا الشركات الأمريكية في هذا المجال، وأتناول هنا بسرعة ما يميز تجربتي شركتي التكنولوجيا SAP و Dell، واللتين جاءتا في المركز الثالث والرابع من حيث الاهتمام بالإعلام الاجتماعي.

SAP تعتبر أحد شركات التكنولوجيا في العالم والتي تركز على حلول الأعمال ولديها مجتمع من المبرمجين والذين يعملون على برامج وحلول SAP في مختلف شركات العالم، وتضم شبكة مجتمع ساب “SAP Community Network” والتي تضم مليون وسبعمئة ألف شخص.

بالنسبة لـSAP كان من المهم إيجاد تفاعل قوي مع هذا المجتمع الضخم، وكان هذا صعبا من خلال فريق من 25 شخص يدير الشبكة، ولذا لجأت لعدد من الحلول الإبداعية منها جعل مواقع الشبكة مفتوحة للمشاركة مع أقل حد من القيود، فهناك مثلا 5000 مدون لديهم قدرة على المشاركة في مدونات SAP بحد أدنى من الرقابة، كما أن هناك نظاما للنقاط والمكافآت للأشخاص النشطين على الشبكة، كما تشجع الشركة موظفيها على المشاركة الفعالة في الشبكة بحد أدنى من الرقابة أيضا، ولذا يوجد مئات المشاركين من الشركة في التفاعل مع الجمهور، وطبقت SAP استراتيجيات مشابهة في التعامل مع الجمهور عبر الإعلام الاجتماعي، بما حولها للشركة التكنولوجية الأفضل في استخدام الإعلام الاجتماعي.

شركة Dell بالمقابل لديها حكاية أخرى، وخاصة أن الإعلام الاجتماعي والتفاعل مع الجمهور كان وسيلة أساسية لـDell في التعامل مع عدد من الأزمات المرتبطة بأجهزة الكمبيوتر التي تنتجها.

Dell أيضا حاولت بناء برنامج علاقات عامة مميز مع كل المدونين والكتاب في الإعلام الجديد الذين يكتبون عن Dell وعن أجهزة الكمبيوتر، مشابه في بنيته الأساسية ببرامج العلاقات العامة مع الإعلاميين. ما ميز ديل هو اعتمادها المكثف على الحوار مع الجمهور، وفتح قنوات التواصل المتبادل، وهو أمر ما زالت كثير من الشركات تخاف منه لأنه يعني ضعف التحكم في الرسائل التي يتم بثها من خلال الإعلام الاجتماعي. أضف إلى ذلك، شجعت Dell موظفيها على تخصيص 20 إلى 30 دقيقة من ساعات عملهم اليومية للتفاعل عبر موقع “تويتر”.

في الأسبوع القادم سأتحدث عن بعض المبادئ الهامة للنجاح في الإعلام الجديد لمن رغب في التطبيق والتطوير والتفاعل..

* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية