الشركات والإعلام الاجتماعي: السر في الحافز (5)

من قسم شؤون إعلامية
الإثنين 15 نوفمبر 2010|

“الإعلام الاجتماعي” Social Media هو الفن الساحر الجديد الذي تفكر فيه كثير من الشركات في عالمنا اليوم وذلك لاستغلاله بأفضل شكل ممكن، والمقصود كما تحدثت عنه في الحلقات الأربع السابقة هو استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية على الإنترنت والموبايل لترويج رسالة الشركة.

كلمة السر الأساسية التي تسمعها في كل مقال ودراسة تتناول الإعلام الاجتماعي واستخدام الشركات له هي كلمة Engagement، وهي كلمة تصعب ترجمتها حرفيا باللغة العربية في هذا السياق لأنها تتجاوز التفاعل إلى حالة تشبه التشابك، وتستخدم في الكلمة الإنجليزية للاشتباك العسكري كما تستخدم للخطوبة التي تسبق الزواج.

بكلمات أخرى، ينبغي على الشركات أن تستخدم الإعلام الاجتماعي حتى توجد حالة من التفاعل المكثف مع الجمهور، تتجاوز مجرد إمدادهم بالمعلومات الأساسية للتحاور معهم، بل والسماح للجمهور بالتأثير على مسيرة الشركة وقرارتها ومنتجاتها كما رأينا في عدد من الحالات التي تم استعراضها في الحلقتين السابقتين من سلسلة المقالات هذه.

حتى الآن هناك تجاوب مميز مع محاولات الشركات لإيجاد مثل هذا التفاعل مع الجمهور على الإنترنت، بل إن هناك شركات اكتفت بنشر بعض الأخبار على موقعها على “فيسبوك” ولقيت تجاوبا واسعا، ولكن هذا التجاوب في رأيي مؤقت جدا، لأن الجمهور ما زال يستطلع هذه الفكرة، ويستمتع بالقدرة على التفاعل مع الشركة التي يتعامل معها على الإنترنت، وهي حالة تشبه حالة مواقع الإنترنت في التسعينات، عندما كانت الناس تهرول لزيارة كل موقع جديد تسمع به.

مع الزمن ستصبح مهمة جذب الناس للتفاعل مع الشركات أصعب بكثير مما هي عليه الآن مع زيادة الخيارات، ولذا سيتولد فن لكيفية إحداث مثل هذا الأثر، يشبه فن العلاقات العامة اليوم.

السر في رأيي هو إيجاد الحافز الذي يدفع الجمهور للتفاعل مع الإعلام الاجتماعي لشركة ما، وإذا كان بعض الجمهور لا يحتاج لحافز لأنه محب لعلامة تجارية معينة ومرتبط بها _ أو غاضب عليها أحيانا _ فإن أكثر الجمهور سيحتاج مستقبلا لهذا الحافز، وهو في رأيي العنصر الأساسي الذي يجب أن تستخدمه الشركات في تقييم ما تقدمه من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية.

هناك كثير من الحوافز التي يمكن طرحها في هذا السياق، والمجال سيكون دائما مفتوح للإبداع، ولعل من أسهل الحوافز للجمهور أن يتفاعل مع موقع الشركة على الإنترنت هي “الجوائز” أو ما يمنحه الموقع للجمهور فعلا، ومن المؤكد أن الناس لديها وقت فراغ كثير كما نرى من الاستخدام المكثف على الإنترنت، ولذا ستسعد الجماهير بزيارة لموقع ما مقابل الحصول على هدية مجانية لقاء المشاركة.

الحافز الثاني والمهم هو الحصول على المعلومات عن الشركة، ونقصد هنا بالمعلومات العملية التي تساعد الناس على الاستفادة من المنتج أو الخدمة بأفضل شكل ممكن، والسؤال عن أدق التفاصيل المرتبطة به.

بعض الشركات تتصور أن هذه مهمة سهلة، ولكن كل من جرب هذا الأمر من الشركات سواء منها العالمية أو الصغيرة فوجئ بصعوبة المهمة وفوجئ كم يبحث الجمهور عن معلومات ليس من السهل توفيرها، بل إن بعض الشركات اضطرت لإحداث نوع من إعادة الهيكلة والتغيير ضمن المؤسسة حتى تسمح لإدارات الإعلام الاجتماعي أو خدمة الجمهور أو العلاقات العامة بالحصول على كل المعلومات التي يبحث عنها الجمهور بسرعة ودقة وفعالية.

هناك شروط لتوفير المعلومات من خلال وسائل الإعلام الاجتماعي، حيث ينبغي أن تكون مباشرة وسريعة وليس فيها حشو دعائي كثير وذات أسلوب جذاب، وفي نفس الوقت يمكن الحصول عليها من خلال عدد لا بأس به من قنوات الإعلام الاجتماعي.

الحافز يمكن خلقه أيضا من خلال خلق تجربة جديدة للجمهور من خلال وسائل الإعلام الاجتماعي، وأنا أدعي أن هناك فن سيخلق لـ”هندسة تجارب الإنترنت الاجتماعية” Engineering Web Social Experience، وهذه التجربة ينبغي أن تكون جديدة، تستقي من الروح الاجتماعية للمواقع، وتحدث التفاعل المطلوب، كما أن لها معنى وفائدة في حياة الناس، والحديث في هذا المجال يطول كثيرا.

أحد الحوافز المهمة جدا بالنسبة للجمهور هي التفاعل مع من أسميهم “الشخصيات الجذابة” (Very Interesting People) / VIPs بلغة الإنترنت، والشخصيات الجذابة والتي تتحول لسفراء العلامة التجارية الاجتماعيين Brand Social Ambassadors يمكن أن يكونوا من المشاهير الذين يتفاعلون مع الجماهير على الإنترنت أو شخصيات حظيت بالقدرة الجذابة على استخدام هذه المواقع، واستثمرت الشركات في إبرازهم وصناعة نجوميتهم، وخلق شخصيات لهم قريبة من شخصية العلامة التجارية وصفاتها، وهؤلاء يجب دعمهم دائما بفريق يزودهم بالمعلومات ويساعدهم على التفاعل المميز مع الجمهور.

وللحديث بقية..

* نشر المقال في جريدة الاقتصادية السعودية