الانتقال من «ثقافة الحرف» إلى «ثقافة الفيديو»

من قسم شؤون إعلامية
الثلاثاء 20 يناير 2009|

لو بحثت في الكيفية التي يتم فيها تخزين المعلومات والبحث فيها في عصور ما قبل الإنترنت وعصر ما بعد الإنترنت لوجدت أن الكلمة المكتوبة _ باليد أو طباعة أو على الإنترنت _ هي الأداة الأساسية لتناقل المعلومات بأنواعها بين الناس، هكذا قامت الثقافة الإنسانية عبر التاريخ.

لكن هناك بوادر تغير جذرية قد تعني تغير الثقافة الإنسانية إلى الأبد بحيث يحل الفيديو، أو الصورة المرئية والمسموعة، مكان الكلمات المكتوبة، بحيث تعتمد الإنسانية في تواصلها وتناقلها للمعلومات على الصورة والصوت أكثر من الحروف.

هل هذا ممكن؟

في شهر نوفمبر الماضي 2008، استخدم الأمريكيون عدة مواقع للبحث، جاء على رأسها موقع Google، ثم ولأول مرة موقع “يوتيوب”، بعد أن كان موقع Yahoo هو المتفوق دائما كرقم 2 للبحث.

وحسب الدراسة التي قامت بها شركة كوم سكور ComScore، فإن الأمريكيين أجروا 2.8 مليار عملية بحث على موقع “يوتيوب” خلال نوفمبر، وهي تزيد بحوالي 200 مليون عملية عن موقع Yahoo.

هذا معناه أن الناس صارت تفضل أن تذهب للبحث عن معلومة معينة إلى موقع “يوتيوب” لتجد ضالتها من خلال واحد من ملايين الفيديوهات الموجودة هناك.

هناك دراسات كثيرة وخبراء يتناولون هذه القضية بالذات. هناك إثباتات قوية على أن الأطفال في المدارس بدؤوا يفضلون “يوتيوب” على Google في البحث لأن تعاملهم مع معلومة الفيديو أسهل عليهم.

هناك مقارنات واسعة النطاق تجرى بين نتائج البحث عن كلمة معينة من خلال البحث في النص، مثل Google، وبين البحث في الفيديو، مثل “يوتيوب”.

مثلا في أحد المقارنات تم البحث عن جدل انتخابي حول قضية معينة حصلت أثناء الانتخابات الأمريكية بين هيلاري كلينتون وأوباما، البحث في Google يعطيك روابط كثيرة لمقالات تتحدث عن القضية والجدل الذي دار حولها، بينما البحث في “يوتيوب” يعطيك فيديو المقابلة الذي أثار الجدل، وفيديو الرد الذي أعدته حملة أوباما الانتخابية، وفيديوهات من القنوات التلفزيونية التي غطت الحدث.

لقد انتشر الفيديو بشكل رهيب على الإنترنت في السنوات الثلاث الأخيرة، وساهم في ذلك انتشار الكاميرات في أيدي الناس بما في ذلك كاميرات عالية الجودة بتكلفة معقولة وكاميرات الموبايل، كما ساهم فيه أن الإنترنت صار أسرع، وصارت هناك مئات المواقع التي يمكن تحميل الفيديو فيها مجانيا.

وربما كان من المؤكد أن الفيديو لن يحل محل النص والكلمات، لأن هناك أمور جدلية أو فلسفية لا يعوض فيها الفيديو بسهولة عن النص، إلا إذا كنت تشاهد محاضرة تناقش هذه القضايا، إلا أن الحضارة الإنسانية تتغير جذريا نحو الصورة المرئية والمسموعة.

ربما آن لوزارة التربية والتعليم أن تفكر في مواد دراسية تعلم الأطفال “إنتاج الملتميديا” أسوة بمدراس الدول المتقدمة، وذلك حتى لا يتحولوا لأميين في عصر الصورة المرئية.

* نشر المقال في صحيفة اليوم السعودية